بغداد- العراق اليوم: تعد الأحلام والكوابيس من بين سمات النوم الأقل فهما حتى الآن. وعلى الرغم من أنها تجربة فردية، إلا أن هناك بعض التخيلات التي تشيع رؤيتها في مختلف أنحاء العالم.
ولطالما حاول الأطباء النفسيون وعلماء النفس شرح ما نراه في الأحلام أو الكوابيس. والآن، شارك أحد كبار خبراء النوم فكرة رائعة حول السبب الذي يجعلنا نحظى بمثل هذه التجارب المفعمة بالحيوية أثناء النوم. ويعتقد البروفيسور مارك بلاغروف، مدير مختبر النوم بجامعة سوانسي، أن السبب وراء أن أحلامنا يمكن أن تكون "معقدة" للغاية، ومليئة بـ"الشخصيات والعواطف والمؤامرات"، هو أنها مصممة لنا لنتشاركها مع الآخرين.
ويعتقد بعض علماء النفس أن الأحلام هي مجرد طريقة يستخدمها الدماغ لمعالجة الذكريات وفهم العواطف ومعالجة الحجج. بينما يقول آخرون إنه لا يوجد شيء على الإطلاق وراء رؤيتنا لهذه التخيلات، بحجة أنها مجرد مجموعة من الأفكار التي لا معنى لها.
ويوضح البروفيسور بلاغروف لبودكاست PsychCrunch التابع لجمعية علم النفس البريطانية: "هناك العديد من المناقشات حول سبب حلمنا، لكن معظم الباحثين سيتفقون على أن الأحلام ذات معنى وأنها تشير إلى حياة الفرد في اليقظة، حتى لو كان ذلك بطريقة مجازية".
وأشار إلى أنه على الرغم من أن العديد من الأحلام تحتوي على مشاهد "خيالية"، إلا أن معظم الناس يمكنهم عادة الارتباط بالمشاعر التي يمرون بها.
ويعود أحد التفسيرات إلى نظرية تطورية مفادها أن هناك واقعا افتراضيا يحدث في أذهاننا بينما نتقلب في السرير، ونتدرب على التغلب على التهديدات.
وقال البروفيسور بلاغروف: "إننا نحلم بالتهديدات التي تحدث لنا. نحن نحاكي هذه التهديدات التي تحدث في أحلامنا، لمحاكاة ممارسة التغلب عليها".
وفي بعض الأحيان، لا تكون هذه التهديدات جسدية بل عقلية تستهدف احترامنا لذاتنا، ما يجعلنا نتعامل مع الحجج وطرق الرد مع الناس. وأضاف البروفيسور بلاغروف أنه يُعتقد أيضا أن الأحلام تساعد على تعزيز ذكرياتنا وجعلها أكثر ديمومة. ويعتقد البعض أن هذه العملية قد تؤدي إلى الأحلام الواضحة.
ومع ذلك، لا يتفق جميع العلماء مع هذا، حيث يشير البروفيسور بلاغروف: "هناك أيضا نظرية يعتقد من خلالها العديد من العلماء أن الأحلام هي ظاهرة ثانوية". وشرح أنه أثناء اليقظة تحدث أحلام اليقظة والتي تمكننا من مراقبة هذه الأحلام والبناء عليها والتفكير فيها، وهذه القدرة على المعالجة تنتقل إلى نومنا. ولكن ليس هناك هدف لذلك.
ويعتقد البروفيسور بلاغروف أن مشاركة الأحلام مع الآخرين هي الطريقة التي نجني بها فوائد رؤانا المشابهة للحياة، لأن مشاركة الأحلام تعطي الشخص فكرة عن حياة الحالم وتساعد على بناء الروابط.
وأوضح أن "السبب في أن الأحلام معقدة للغاية ولها هذه الشخصيات والعواطف والمؤامرات والمشاهد والسيناريوهات، هو أن هذا التعقيد ضروري حتى يتمكن الشخص من التعبير عن نفسه بشكل مجازي لأشخاص آخرين".
ويقترح أنه نظرا لأن فن رواية القصص لدى البشر كان مهما تاريخيا، فإن فعل الحلم يخدم هذا الغرض.
وفي تجربة قادها البروفيسور بلاغروف، والتي نُشرت في مجلة Frontiers في عام 2019، تضمنت أشخاصا يروون أحلامهم للآخرين، أظهرت النتائج أن الاستماع وسرد الأحلام يزيد من التعاطف.
وأكد بلاغروف أن جميع مراحل النوم مهمة، لكن نوم حركة العين السريعة مهم بشكل خاص لأنه يلعب دورا في الحلم والذاكرة والمعالجة العاطفية. وتحدث غالبية أحلامنا خلال هذه المرحلة التي تشكل ما يقارب ربع فترة سباتنا، وتميل إلى أن تكون أكثر حيوية، وفقا لمؤسسة النوم.
ومن المرجح أن تتذكر ما حلمت به إذا استيقظت أثناء فترة نوم حركة العين السريعة.
وبحسب البروفيسور بلاغروف، فإنه إذا بقيت نائما خلال تلك الدورة، فإن الأحلام على ما يبدو "تختفي" ولا يكون لها أي تأثير دائم.
ومن الشائع أيضا أن يتذكر الناس الكوابيس عندما يستيقظون أثناء حدوثها. ويوضح البروفيسور بلاغروف، الذي يصف الكابوس بأنه "حلم مزعج يحمل مشاعر سلبية"، أن بعض الخبراء يعتقدون أن الكوابيس هي طريقة الدماغ للتغلب على المخاوف والتهديدات، وهي في الواقع أكثر وظيفية من الأحلام.
*
اضافة التعليق