بغداد- العراق اليوم: خطاطة موصلية شقت طريقها بإرادة لا تلين وواصلت الليل بالنهار لتخرج من بين أناملها لوحات مذهلة ليست كبقية اللوحات أدهشت المختصين وعشاق الخط العربي في أرجاء المعمورة ، تصدر وسمها عن مدينتها الجريحة ، ام الربيعين ، ، بمنارتها الحدباء وخارطتها المطرزة بدعاء النبي يونس عليه السلام ” لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين ” ، مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية الأحداث الأليمة هناك ، خطاطة حظيت أعمالها بإعجاب المختصين وكبار الخطاطين والتشكيليين فضلا عن المتابعين ، تميزت جنة بالخط على الخرائط الجغرافية و معالم العراق ما شكل علامة فارقة في مسيرتها الواثقة فمن تكون :
* حصلت الشقيقتان الموهوبتان ( فرح عزت وجنة عزت ) على شهادة في الخط العربي من الخطاط التركي الكبير ، حامد الأمدي ، في إسطنبول أعقبه حصولهما على شهادة مماثلة من عميد الخط العربي ، سيد إبراهيم المصري ، ولما يتجاوز عمر فرح 13 عاما وجنة 10 اعوام ، متى بدأت هذه الموهبة لديك وكيف تم صقلها لتنال إعجاب ورعاية عمالقة الخط في الوطن العربي ؟
– والدي رحمه الله كان مولعا بالخط العربي وكان بيتنا يضم لوحات لعمالقة الخط أمثال حامد الامدي ,كنت صغيرة لا أجيد الكتابة والقراءة الا انني ملت اليها وأحببتها الى درجة انني كنت أمسك الورقة والقلم واقلدها كأي لوحة رسم ، لاحظ والدي عشقنا للخط فقرر ان يوجهنا التوجيه السليم واخذنا الطريق الى الاستاذ الموصلي” يوسف ذنون ” حفظه الله ، فكانت الانطلاقة من هناك ,اضافة الى سفرات سنوية الى تركيا نتدرب خلالها على يد الخطاط حامد الامدي ، وعندما بلغت العاشرة من العمر تأهلنا لنيل الاجازة من الامدي وسيد ابراهيم في مصر.
*انت القائلة ” لولا استاذي الكبير الموصلي، يوسف ذنون عبد الله، في بداية مشواري لما وصلت الى ما وصلت اليه الان، لأن التعليم الصحيح منذ البداية هو الأساس ” ، حدثينا قليلا عن تلكم المحطة المضيئة والتقدير العالي الذي منحه إياك كبير الخطاطين العراقيين بما لم يحظ به أحد سواك .
– فعلا كانت محطة مضيئة فلولا اضاءتها تلك الفترة لما ازداد بريق اعمالي اليوم ، اعتبر نفسي محظوظة لأني عاصرت حقبة العم يوسف ذنون الموصلي . وكل من تتلمذ على يديه اعده محظوظا لأن العم يوسف عندما يعلم الخط فانه يعلمه بكل أمانة وحرص وتفان وبعد مرور سنوات وفراق طويل معه بسبب الغربة ,عاود ذاك الضوء لينير من جديد بحصولي على أعلى تقدير في تأريخ الخط العربي من العم يوسف ,حيث لم يحظ بهذا التقدير العالي سوى العم يوسف والمرحوم هاشم الخطاط البغدادي من أمير الخط العربي حامد الامدي ومن ثم انا والحمد لله وبهذا اكون قد حصلت على ثلاث شهادات في الخط من عمالقة ، وبعد ان منحني العم يوسف هذا التقدير العالي وانا في الخمسين الان , وشاع الخبر ,قال لي ان بعض الخطاطين طلبوا منه ان ينالوا هذه المرتبة وان يمنحهم ما منحني اياه ,فقال لهم لن امنحها لأي أحد والذي يرغب بالحصول عليها فليأخذها من جنة!
* جنة الموصلية وفي سابقة من نوعها إتخذت من احدى الجوائز التي حصلت عليها قلادة لا تفارق جيدها أينما حلت و ارتحلت ، ما السر في ذلك ؟ – هي ميدالية وليست قلادة ومن شدة تعلقي بها وبالخط الذي يحتويها بخط ذنون الموصلي والتي حصلت عليها منذ طفولتي احببتها جدا وعز علي رؤيتها وهي في محفوظة في صندوقها الى جانب ميداليات أخرى ,فقمت بثقبها و حولتها الى قلادة ترافقني على الدوام .
* الأبعاد اللونية تشكل قاعدة اساس في لوحاتك المبتكرة ، برأيك هل في المزج بين اللون والتشكيل والتعبير يكمن السر في حجم الإبهار الذي يشع من لوحاتك فيخلب الألباب أينما عرضت ؟ – بصورة عامة انا اركز على الحرف وقوته اكثر مما أركز على ممازجة الالوان ,,فتعبيري الوحيد هو قوة الحرف وكيفية صياغته لكي اعبر عنه كما فعلت في معظم لوحات الخرائط، ونظرتي الى أعمالي لا تكمن في بهرجة الألوان بل ببهرجة قوة الحرف وقوة تركيبه داخل الشكل المطلوب.
*اكثر ما يشد الانتباه الى أعمالك تلك الممازجة الرائعة بين الآيات القرآنية والخرائط الجغرافية حتى اصبحت مدرسة بحق ولعل من اشهر لوحاتك في هذا المجال ، خارطة الوطن العربي التي خطت داخلها الآية القرآنية الكريمة ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا “، اضافة الى خارطة العراق التي يتوسطها دعاء ايوب عليه السلام ، هل هذه مدرسة جديدة تفردت بها ، ام انها حلقة وصل في سلسلة ابداعية سبقك اليها آخرون وسيواصل تقليدها لاحقون ؟
– هذه مدرسة خاصة لجنة عدنان لم يسبقن احد الى فكرتها واعدها أيقونتي وهويتي عبرت عنها بهذا الاسلوب لكي اطرح فكرا فنيا واسلوبا متجددا له بعد آخر غير تقليدي ليكون انطلاقة يتتلمذ عليها الخطاطون ، فالخرائط بحد ذاتها عبارة عن كراسة لخط (جلي الثلث) حيث تتوفر فيها كل انواع ربط الحروف وانواع التراكيب والجرأة في تركيبة الحرف ليقعد في محله داخل أشكال غير هندسية. *أهم الجوائز التي حصلت عليها الخطاطة ، جنة عدنان ، في المحافل العراقية والعربية والدولية وأقربها بعد القلادة الى قلبها النابض ؟
– اهمها كردانة من الذهب الخالص قدمت لي قبل عام 2003 عن طريق السفارة العراقية خلال اقامتي تلك الفترة في دولة الامارات العربية المتحدة وهي معي حتى الان واعتز بها جدا (اذا ردي فيه تحسس بسبب الاوضاع السياسة الحالية فهذا ليس ذنبي) انتم سألتموني وانا ارد بكل مصداقية.
* الخطوط العربية انواع فهناك الخط الكوفي ، خط النسخ ، الخط الديواني ، خط الرُّقعة ، خط الثُلث ، الخط الأندلسي ، الخط الفارسي ، ترى في اي من هذه المدارس أوالخطوط تجد جنة الموصلية نفسها ؟ – اجد نفسي في اصعب انواع الخطوط وهو (جلي الثلث) و( الطغراء) فمنذ صغري تأقلمت أناملي وعيني على هذا النوع الصعب والجميل جدا جدا، في ذات الوقت الذي ارى فيه خط (جلي الثلث ) واحدا من اجمل الخطوط العربية .
* ماذا عن الخطوط السبعة الأخرى التي تندرج ضمن مدارس الخط العربي كخط الإجازة، المغربي ؟
– اخترت منها خط ( الطغراء ) كونه خطا تربطه علاقة وطيدة بخط جلي الثلث فكل مخطوطاتي بالطغراء حروفها جلي ثلث اصلية .
* أي الأحبار والأوراق تفضلين في أعمالك ؟ واي الأقلام تستخدمين ، البلاستيكية ، ام أقلام البوص المصري او الصيني ؟
– الورق الابيض الصقيل هو المفضل عندي وفي بعض الاحيان أضيف إليه بعض المواد او الالوان من باب التجميل والتغيير, فأما ان اطليه بالقهوة او بألوان بلاستيكية خفيفة او بالحبر المخفف ، اما القصب فأنا عادة ما استخدم القصب البني والاصفر ولا أستخدم الاقلام .
* ماذا يمثل لك هؤلاء ببضع كلمات ” ابن مقلة ، ابن البواب، هاشم البغدادي ، محمد صالح الموصلي، صادق الدوري ، روضان بهية ، عبد الكريم الرمضان ، جاسم النجفي ” ؟ ج – نجوم ساطعة في سماء فن الخط العربي. رحم الله من رحل ,وحفظ الباقين.
* مشاريعك المستقبلية ؟
– قيد التفكير.
*كلمة اخيرة
كلماتي لجمهوري في العراق والوطن العربي جسدتها في الخرائط وهي رسالة لهم جميعا اكثر مما هي كلمة، اما كلمتي او نصيحتي للخطاطين فأقول لهم ,الخط العربي أمانة في أعناقكم وليس لعبة في ايديكم.
تجدر الإشارة الى ان الفنانة الموصلية خصت كل بلد عربي بخارطته التي تتوسطها آية كريمة تحاكي واقعه ، بدأتها في نيسان 2014 وانتهت منها في نيسان 2016 ، خارطة العراق ( رب إني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين ) ، لبنان ( كأنها كوكب دري ) ، فلسطين (ربنا أفرغ علينا صبرا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين ) ، عمان ( جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا )، السودان ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله .. ) ، جزر القمر ( الله لا إله إلا هو ) ، الكويت ( و نزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) ، جيبوتي ( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن ) ، موريتانيا ( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ) ، اليمن ( لقد كان لكم في سبأ آية .. ) ، الجزائر ( و أشرقت الأرض بنور ربها..) ، الصومال ، ( يسقون من رحيق مختوم ) ، البحرين ( يخرج منها اللؤلؤ و المرجان ) ، تونس ( و زيتونا و نخلا .. ) ، الأردن ، ( ربنا آتنا من لدنك رحمة و هيء لنا من أمرنا رشدا )، المغرب ( رب المشرق و المغرب و ما بينهما … ) ، مصر ( و أوحينا إلى موسى و أخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا ) ، الإمارات ( سورة الفاتحة ) ، ليبيا ( و لا يؤوده حفظهما ) ، سوريا ( و جزاهم بما صبروا جنة و حريرا ) ، السعودية ( وطهر بيتي للطائفين و العاكفين والركع السجود )
عن .. رأي اليوم