بغداد- العراق اليوم:
جاسم الحلفي
في ظل صمت الأنظمة العربية تستكمل إسرائيل تحضيراتها النهائية لاقتراف جريمة كبرى، تضاف الى جرائمها الشنيعة بحق مواطني قطاع غزة، في إطار حرب الإبادة البشعة التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني. والأنظمة العربية هنا تكاد تفعل ما يفعله اغلب الدول الغربية، التي تتفوق عليها طبعا في الانحياز الصارخ الى الدولة الصهيونية والدعم المباشر لعدوانها الاجرامي على غزة.
تستعد إسرائيل للقيام خلال الأيام القريبة القادمة بتنفيذ جريمة اجتياح مدينة رفح، الواقعة في أقصى جنوب القطاع، والتي طالما أُعلن انها “الأكثر أمانًا” فيه، وحيث يتكدس الآن أكثر من مليون وربع المليون مواطن فلسطيني، لاذوا بها اتقاءً للعدوان الإسرائيلي الفاشي الذي يشنه نظام الاستيطان العنصري منذ اكثر من أربعة اشهر، بأساليب فاقت بقذارتها كل الحروب العدوانية، بل وتجاوزت همجية داعش. فالتطرف الديني الذي تعتمده حكومة اليمين المتطرف الصهيوني، هو المنهج ذاته الذي قامت عليه داعش، وهو مثيله في الشكل والجوهر.
ولا يقف الاستهتار الإسرائيلي عند حد عنجهية عنصرية طائشة، لا يردعها رأي عام شعبي عالمي يرفض حربها العدوانية، ولا تكترث للقرارات الدولية. فكلما امعنت في القتل ازدادت شراهتها لدماء الفلسطينيين.
الأدلة التي تجمعها منظمة العفو الدولية بخصوص الهجمات الفتاكة غير المشروعة في قطاع غزة المحتل، توثق استمرار استهتار القوات الإسرائيلية بالقانون الدولي الإنساني، حيث أبيدت عائلات بأكملها مع الإفلات التام من العقاب.
والمقلق أيضا هو حجم الخسائر البشرية بين المدنيين اذا شنت قوات الاحتلال هجماتها الوحشية على رفح، حيث يرجح "أن تكون لمثل هذه العملية عواقب وخيمة على أكثر من مليون شخص محصورين في مساحة 63 كيلومترًا مربعًا عقب موجات متتالية من التهجير الجماعي" حسب منظمة العفو الدولية.
واضح ان هدف إسرائيل من الهجوم على رفح، بالاعداد الهائلة من النازحين الذين يعيشون فيها اوضاعا مأساوية، هو دفعهم الى الهجرة الى خارج قطاع غزة، وهو ما اكدته وزارة الخارجية الفلسطينية في احد بياناتها الأخيرة، الذي جاء فيه أيضا ان "الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة والتي كانت آخرها في رفح، هي إمعان إسرائيلي رسمي باستهداف المدنيين ونقل الحرب إلى منطقة رفح المكتظة بالسكان لدفعهم إلى الهجرة ودوامة النزوح تحت القصف".
ان حرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل هي امتداد لتاريخ جرائمها الطويل ضد الشعب الفلسطيني، والانتهاكات الشنيعة التي ظل يتعرض لها منذ إقامة دولة الاحتلال الاستيطاني. هذه الدولة البارعة في طمس الأدلة ومنع توثيق جرائمها، في مقابل صمت الأنظمة العربية وانحياز أمريكا وعموم أنظمة اليمين في الغرب ودعمها اللامحدود للعدوان الغاشم.
*
اضافة التعليق