بغداد- العراق اليوم:
كشف الحزب الشيوعي العراقي، عن مساعٍ لتشكيل «كتلة وطنية مدنية»، تخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مؤكدا على أن عملية الإصلاح والتغيير تتطلب «إرادة سياسية حازمة».
وأقام الحزب احتفالية مركزية في ذكرى تأسيسه الـ83 وسط العاصمة بغداد، بمشاركة عدد من الوزراء والسفراء والقوى والشخصيات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني فضلاً عن النخب والكفاءات الفنية والمجتمعية.
وقال أيوب عبد الوهاب، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي في كلمة الحزب، إن «التغيير غدا ضرورة بالنظر إلى أوضاع البلاد الراهنة وتعمق أزماتها، وتحوّلها إلى أزمة عامة ذات طابع بنيوي، وتفاقم آثارها على مختلف المستويات، مقابل تمسك المتنفذين بنهج الحكم القائم على المحاصصة الطائفية والأثنية في ظل دولة المكونات».
وحذر من أن المشهد السياسي من شأنه أن «يدفع بأوضاع البلاد نحو مزيد من التدهور، ويجعل التطور فيها مفتوحاً على أسوأ الاحتمالات».
وأعتبر أن «الطريق إلى الإصلاح والتغيير الحقيقيين وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية التي تكفل العدالة الاجتماعية، يتطلب نضالا حثيثا متواصلا من أجل إحداث التغيير المطلوب في موازين القوى السياسية، لصالح اصحاب مشروع التغيير وأنصاره. ويمكن تحقيق ذلك عبر إقامة تحالفات واصطفافات وطنية عابرة للطوائف».
وأكد الحزب على أهمية «تعزيز دور التيار الديمقراطي والقوى المدنية الديمقراطية والوطنية المعتدلة، ومواصلة الضغط الجماهيري السلمي المنضبط والمنظم، وتوسيع صفوفه، وضم طاقات وامكانات جديدة اليه، بما فيها التعامل مع شرائح شعبية جديدة، وبضمنها قواعد الكتل المتنفذة التي لها (القواعد) مصلحة موضوعية في تحقيق الاصلاح، وهو المقدمة الضرورية لأية مصالحة مجتمعية ووطنية حقة».
وكان المتحدث باسم الحزب، كشف عن «جهد مثابر، بالتعاون مع حلفائه فى التيار الديمقراطي، وبالتنسيق مع قوى وشخصيات مدنية ديمقراطية أخرى، لجمع الاطراف ذات المصلحة في التغيير والمطالِبة به، وحشد القدرات معها، سعياً إلى تشكيل كتلة وطنية مدنية ديمقراطية عابرة للطائفية، تخوض الاستحقاقات الانتخابية القادمة».
وأكد «العمل بجد من أجل أن ترى الأسابيع المقبلة المزيد من الخطوات الواعدة على هذا الطريق».
وأشاد الحزب الشيوعي «بما تنجزه القوات المقاتلة على اختلاف تشكيلاتها وصنوفها في المعركة ضد داعش ولتحرير الموصل»، مشدّدا على «مواصلة الخطى نحو دحر الإرهاب وتجفيف منابعه عبر منظومة متكاملة من الخطوات والاجراءات».
لكن دعا إلى «ضرورة حماية المدنيين، وإنصاف ضحايا الإرهاب ورعايتهم وتقديم كل اشكال الدعم لهم، وتسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم المحررة، وقبل كل شيء توفير المأوى الآمن لهم والطعام والرعاية الصحية، سواء من الجهات العراقية، أم من المنظمات الدولية».
وحسب مصدر في الحزب ، فإن الأخير «ورغم كونه أقدم الاحزاب العراقية، ورغم مجال الحرية لممارسة نشاطه بعد عام 2003، إلا انه في السنوات الأخيرة أصيب بنكسات كبيرة نتيجةعزوف قاعدته الجماهيرية عنه، ما أدى إلى فشله في الحصول ولو على مقعد واحد في مجلس النواب البالغة 328 مقعد، كما لا يوجد له وزير في حكومة حيدر العبادي».
واضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «الحزب يحاول استرجاع دوره في المشهد السياسي العراقي، من خلال عدة إجراءات، منها المشاركة الفعالة في التظاهرات الأسبوعية المطالبة بالاصلاح ومحاربة الفاسدين التي تشهدها بغداد والمدن الأخرى».
وعقد مؤتمره العاشر مؤخراً الذي تم خلاله تغيير السكرتير العام للحزب وقيادات اخرى، كما أجرى لقاءات مع التيار الصدري والتيار المدني للتنسيق في تنظيم التظاهرات، إضافة إلى نوايا تشكيل تحالفات مع القوى التي تنتهج نهجا قريبا من سياسة الحزب، وخاصة ما يتعلق بالدعوة لاجراء تغييرات في اساليب قيادة الدولة والاصلاحات ومواجهة الفساد، وفق المصدر.
وبين أن «النظام الانتخابي الذي تعتمده مفوضية الانتخابات، أسهم ايضا في عزل الحزب الشيوعي والأحزاب الصغيرة لصالح الاحزاب الكبيرة، من خلال اضاعة اصوات قاعدته الجماهيرية المتفرقة وعدم جعل العراق دائرة انتخابية واحدة بل دوائر ضمن المحافظات».
ويذكر أن الحزب الشيوعي العراقي من أقدم الأحزاب الشيوعية العربية، حيث تأسس في عام 1934 مع نشوء الدولة العراقية عام1921، متأثرا بالثورة البلشفية في روسيا 1917، التي كانت ترفع شعارات العدالة وحكم الطبقة العاملة وغيرها من الشعارات التي جذبت وقتها الشباب، وخاصة في الطبقات الفقيرة. ولكن أصابه الضعف نتيجة لتعرضه إلى ضربات من الحكومات المتتالية خلال تاريخه الطويل، كما تعرض إلى انقسامات عديدة، إضافة إلى موقفه من المسألة الدينية، ما أضعف تأثيره في الشارع.