برحيل أخي عبد الخالق زنكنة تعاظمت أحزاني !!!

بغداد- العراق اليوم:

جبر شلال الجبوري

         

 رغم أنّ الموتَ حقٌّ لكنّ العاطفةَ الإنسانية تأخذ بالفرد إلى منطقة الحزن حتّى إلى درجة استدرار الدمع دون وعيٍ وإرادة، هذا الشعور داهمني حال سماعي بخبر رحيل أخي وأحد رفاق دربي، المناضل عبد الخالق زنكنة، فكان لابدّ لي من أن أكتبَ عن عملاق كبير عاش ومات ولم يَحنِ هامتَه ولم يركع لأحد من الجبابرة والطُغاة.

 عاش ثائراً منذ بواكير تفتّحهِ على الحياة، حتّى انخرط في صفوف الشيوعيّين فكان صميماً مخلصاً، يحبّ

أهل العراق حدّ الجنون، وعاش رجلاً بسيطاً متواضعاً جدّاً، كما كان مثقفاً واسعَ المعرفة، يمتلك قدرةً هائلةً على القيادة والاقناع وإدارة الحوار، ولأنه عراقي ووطني فكان لزاماً على الفاسدين الجُدد أن يقفوا بالضدّ منه ومن تطلعاته الوطنية، حيث كان طيلة حياته يردّد كلمة "الحرية للجميع والعراق يسعنا جميعاً".

  التقيته في بغداد وشمال العراق وأمريكا، ثم توالت اللقاءات قبل السقوط، وفي كلّ مرّة كان يتنبّأ بكل قناعة بأنّ النظام البعثي المجرم سيسقط قريباً، فقد عشتُ معه أيّامَ النضال الصعبة، فكان يسرد لنا تفاصيل القصص النضالية التي عاشها خلال حياته النبيلة المُفعمة بالتضحيات، وكنتُ أطلب إليه أن يؤرّخ تلك الحكايات والمواقف البطولية لتكون في متناول الأجيال القادمة، غيرَ أنّهُ كان يقول: "إنّ الناس تعرف من هو عبد الخالق زنكنة فلماذا نكتب عن أنفسنا؟" 

 لقد عملنا قبل سقوط النظام البعثي المجرم كفريق عمل  يضمّ العديدَ من المخلصين الذين أُبعدوا فيما بعد، عن كلّ مسؤولية لأسباب مجهولة، لقد قاد الأستاذ المناضل عبد الخالق زنكنه، العديد من المنظمات والتنظيمات المعارضة للنظام الدكتاتوري البعثي الإجرامي، بحكمةٍ ودراية وشجاعة قلّ نظيرها، فهو واحد من الذين وضعوا الأسسَ المتينة لانطلاق المعارضة العراقية، وهو مَن عمل على توحيد الكلمة الكردية وجمع بين فصائلها وأقنعَ قادتَها بضرورة العمل كمجموعة واحدة لمجابهة قوى السلطة الغاشمة وكذلك من أجل تحرير العراق، فاستطاع أن يقرّب بين الفرقاء، وللأسف الشديد لم ينل حقوقه كقائد كردي كبير استطاع أن يعمل على توحيد الصفّ الوطني العراقي.

  لا ولن أنسى أبداً (أبا الوليد) الإنسان الكريم، الصادق، الوفيّ، المخلص لأصدقائه وأقاربه، ولقد خسرَ العراق إنساناً قلّ نظيره على درب النضال الوطني، وهو الذي ترك في نفوسنا ألف حكاية وحكاية في دروس الثبات على المبادئ الوطنية الراسخة.

 عشقنا أربيل من خلال وجوده بها، حيث يستقبلنا بالمطار ويودّعنا ويهتمّ بنا ويتفرّغ لمصاحبتنا حين نزور أربيل أثناءَ وبعد التحرير، وقد لازمتُه خلال أزمته الصحية الأخيرة ولم أفارقه طيلة شهر كامل حتّى تحسّن وضعه الصحي قليلاً، فطلبتُ منه الإذن كي أسافر إلى أمريكا على أمل العودة في الشهر العاشر من هذه السنة لعقد مؤتمر منظمات حقوق الانسان في أربيل، حيث هيّأ كلّ المستلزمات المطلوبة لعقد المؤتمر الذي كان حريصاً على أن يُنجز بكلّ دقّة.

   الرحمة والمغفرة للراحل الطيب ابن الطيبين، داعياً من العليّ القدير أن يرحمه برحمته الواسعة وأن يدخله جنات النعيم، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبرَ والسلوان، ومن خلال هذه السطور المتواضعة، أتقدّم إلى كافة ابناء عشيرة (زنكنة) النجباء وإلى كافة أبناء الشعب العراقي بخالص العزاء والمواساة وإلى الأخت الكريمة (أم وليد) المناضلة التي رافقت العزيز في رحلته النضالية الطويلة، وإلى العزيز (وليد) والعزيزة (الدكتورة شلير) وإنّا لله وإنّا إليه راجعون. الفاتحة

علق هنا