بغداد- العراق اليوم:
كتب / رياض الركابي
يوميّاً .. ما أن تفتح مواقع التواصل الإجتماعي حتى تنهال عليك عشرات الأغاني المهجّنة .. عنوةً ، يصرخ فيها المطرب ، نعم يصرخ .. ولا يغني ، لأنه يجسّد كلمات الأغنية التي فيها من التهديد والوعيد ما يجعل نسبة الإدرينالين ترتفع عندك لا شعورياً ، وتكون مستعداً للعراك مع اهل بيتك أو جارك بلا سبب . فتنتقل الى موقعٍ آخر هرباً من تلك الأغنية ليواجهك مطربٌ آخر ، يتغزل بوقاحة وقلّة أدبٍ ، وبلغة سوقية تعف عن سماعها داخل بيتك وبين أولادك ، وتستمر بهروبك الى موقعٍ ثالث ورابعٍ .. لتجد مطربين شبه عراة ، يتراقصون على الحانٍ خليطة بين التركي والفارسي والآلات الغربية ، ومعهم راقصات الليل بلباسهن الفاضح ، فتطفيء الموبايل ، وتستعيذ بالله من هذا الزمن الذي جعل الرديء يتسيّد المشهد ، ويخترق ذائقتك عنوةً لكثرة تكراره ، فتصاب بالصداع .. والإحباط ، امام هذا المدّ من الخراب . قبل ايام فوجئت بمانشيت في احد المواقع ، لأغنية جديدة ، فإستبشرتُ خيراً برؤية الأسماء ، فهي كبيرة بإبداعها شعراً ولحناً وغناءً ، اللحن كان للرائع علي بدر والغناء للأيقونة العراقية محمد عبد الجبار ، والكلمات للشاعر الكبير فالح حسون الدراجي ، فضغطت على الرابط بدون إنتظار .. فتهادى اللحن الهاديء والجميل ، والصوت الشجي ، بمسحتة العراقية الأصيلة ، والكلمات التي تخترق مسامات الجسد ، فشعرتُ للوهلةٍ الأولى بمسحة إنسانية تلفُ المكان ، وبسكينة داخلية ، ثم إنتابني إسترخاء ، إفتقدته منذ زمن ... النص .. هو اللبنة الأولى في ثالوث الأغنية ، وللكلمة سحرها على النفوس ، فكيف لو كان هذا الكلام شعرا ؟ منذ خطواتي الأولى في الشعر ، كنت استمع الى نصوص الأستاذ فالح حسون الدراجي ، بأصوات المطربين العراقيين ، كنتُ أقف مذهولاً أمام بساطة المفردات وسطوتها على الروح ، فهو يختار المفردة الأقرب للقلب ، والبريئة التي لا تخدّش الحياء ، ولها مفعولٌ كالسحر ... (شوف شگد فرق بينك وبيني .. إذا عيني إطلبتهه أنطيك عيني .. ) لقد أعادنا الدراجي .. الى البئر الأولى كما يقول الراحل جبرا إبراهيم جبرا ، حيث نقاء السريرة ، وصفاء النوايا ، وصدق المشاعر ، ما احوجنا الى الإسترخاء الذي طالما منحتنا إياه أغاني العقد السبعيني ، إنه أشبه برياضة اليوغا ، فوالله ملأتنا الأغاني الحديثة قلقاً وتوتّراً .. ورعباً .. ونحن نركب مع المطرب الموتور ( سيارته الجمسي ومعلّي الجامه ) .. فشكراً للمبدع فالح حسون الدراجي ، الذي يشكّل كلماته من الطين الحرّي ، ولها مسحة ( السواجي ) بإنسيابيتها وعذوبتها ) ، وترتدي عفّة (بنات بيوت ) .
بغداد ١ / ٧ / ٢٠٢٣
*
اضافة التعليق
محّد سواها غيرك .. !
وكالة" العراق اليوم" الإخبارية تنشر رأي جريدة الحقيقة في دبلوماسية السوداني
التغيير بين تهويل الطغمة وضجيج الشعبوية
الإفراج عن تسوركوف .. تثبيت للأمن وإنجاز لسياسة الاعتدال ..
إطلاق سراح المختطفة إليزابيث تسوركوف في بغداد
دماء الأبرياء ليست هامشًا… النزاعات العشائرية خطر يضر بسمعة العراق وسلامه الداخلي