القيادي الشيوعي جاسم الحلفي يتحدث عن مساوئ سانت ليغو و حكم الأقلية

بغداد- العراق اليوم:

اعتبر القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، جاسم الحلفي، اقرار قانون سانت ليغو الانتخابي من قبل مجلس النواب العراقي، تكريسا لـ " الاولغارشية"، الذي يعني حسب الموسوعة السياسية "حكم الأقليِّة، وهي شكل من أشكال الحكم بحيث تكون السلطة السياسية محصورة بيد فئة صغيرة من المجتمع تتميز بالمال أو النسب أو السلطة العسكرية".

وقال الحلفي في حديث صحفي، أن:" مجلس النواب العراقي، برهن في جلسته التي امتدت لأكثر من 17 ساعة، ورافقتها مساومات لا مصلحة للشعب فيها، على ان مصدر السلطات عندنا هو الاوليغارشية، حكم الاقلية، وليس الشعب كما جاء في المادة الخامسة من الدستور". واستطرد بقوله:" وهكذا برهن مجلس النواب على انه الحارس الامين لمصالح القوى المتنفذة، حيث امتثل لإرادتها، وصوّت موافقا على سانت ليغو المشوه، كي يؤمّن لها مقاعد ترسخ وجودها في السلطة، وتتيح لها الاستمرار في تنفيذ سياساتها التي جعلت العراق في مقدمة الدول التي ينخرها الفساد".

وأضاف السياسي العراقي قائلا:"لم نشهد لمجلس النواب أيّ سعي جدي، لتحسين الوضع المعيشي للطبقات الفقيرة والشرائح الاجتماعية المهمشة، التي يزحف عليها الفقر زحفا موجعا، كما لم نسمع فيه نقاشا يضع العراق في طريق التنمية المستدامة والاعمار، فهو غير مكترث بتطوير اقتصاديات العراق، مكتفيا بالريوع النفطية كمورد اقتصادي، لا علاقة له بالإنتاج الصناعي ولا الزراعي ولا السياحة بكل أنواعها او غيرها، ويبدو ان تحسين الخدمات ليس من اهتمامات المجلس، فهو لم يخصص لها ساعة نقاش واحدة، مقابل الساعات التي يكرسها لتنفيذ ارادات المتنفذين".

وقال الحلفي:" لم يكن مفاجئا بقاء أعضاء مجلس النواب سهارى حتى الصباح، لإقرار قانون سبق ورفضته انتفاضة تشرين الباسلة، وتشريعه مرة أخرى رغم ارادة ودماء شهداء الانتفاضة وجرحاها، في تلك السهرة العجيبة الاخيرة للبرلمانيين، أكملوا آخر فقرة من فقرات الثورة المضادة، مستهينين بالمعارضة الشعبية المتنامية".

ونبه الى:"ان التصويت على قانون سبق الانتفاض عليه، هو دليل على تلاعب المتنفذين بأحد اهم السلطات، حين يفرضون قانونا مرفوضا شعبيا. وبذلك يكون حكم الاقلية قد فتح بابا جديدا للصراع، وأطلقت ازمة أخرى لن تتمكن من ضبطها".

لافتا الى انه:"بهذا التصويت وسّعت طغمة الحكم فجوة عدم الثقة بها، شأن الفجوة الطبقية الهائلة التي يتربع المنتفعون من السلطة وامتيازاتها وحيتان الفساد في طرف منها، غارقين في ترف خرافي شأن الاباطرة والسلاطين الذين بذخوا وعاثوا في الأرض فسادا، تفصلهم عن باقي طبقات وشرائح الشعب فجوة سحيقة، مليئة بالحرمان والعوز والفقر".

وعن جدوى تصويت مجلس النواب على اعادة مجالس المحافظات الى الوجود، قال الحلفي:" لو أجري استطلاع رأي مهني، يتوجه فيه باحث جاد الى أية شريحة اجتماعية ويختار منها عينة، ويضع في استبانته خيارين: جدوى مجالس المحافظات وعدم جدواها، لجاءت الغلبة حسب رأيي لصالح عدم جدوى هذه المجالس". مستطردا:" وللناس حق في ذلك، فهذه المجالس لم تحقق ما ادعت القيام به، وظل التلكؤ والفساد والانشغال بالمصالح الخاصة هو الطاغي في عملها، والصراع يدور في اروقتها على المناصب والامتيازات وصفقات عقود المشاريع، بعيدا عن المصلحة العامة، وبما لا علاقة له بواجبها الاساسي الذي نص عليه قانون المحافظات غير المنتظمة باقليم ذي الرقم 21 لسنة 2008، وحدده بتشريع الأنظمة والتعليمات وتنظيم الشؤون الإدارية والمالية للمحافظة، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية وبما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية. اضافة الى الدور الرقابي على اجهزتها التنفيذية".

وشخص القيادي في الحزب الشيوعي العراقي رأي الشعب بعدم جدوى مجالس المحافظات، بقوله:"ان للناس الحق في الامتعاض من مجالس المحافظات، والنظر اليها كحلقة زائدة لا فائدة منها، بعد ان تعددت فضائح وشبهات الفساد التي مست العديدين، رغم ان فلسفة وجود هذه المجالس دستوريا ارتبطت بمغادرة نظام الحكم المركزي وبناء نظام اتحادي لامركزي".

ونبه الى ان:"هناك من يحاجج بضرورة بقاء مجالس المحافظات، التزاما بالدستور الذي اقر مبدأ اللامركزية الإدارية. وكما نصت المادة 122/ثانياً (تمنح المحافظات التي لم تنتظم في إقليم الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة، بما يمكنها من إدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، وينظم ذلك بقانون)، فيما يرد الاخرون عن ذلك بادراج مواد دستورية عديدة تم خرقها او ارجأ تنفيذها، ومنها على سبيل الحصر ارجاء انتخاب المجلس الاتحادي. كما ان مجالس المحافظات الحاليّة انتهت دورتها القانونية التي امدها اربع سنوات، وكان ذلك في حزيران عام 2017. وان تمديدها الحالي، وان جاء عبر قرار من مجلس النواب، يعد خرقا دستوريا". 

ولفت الحلفي الى ان:" مجلس النواب لم يتخذ وقفة جدية في كل دوراته، امام موضوعة لا جدوى لمجالس المحافظات، انما انشغل بتعديل قانون مجالس المحافظات غير المرتبطة باقليم او قانون انتخاب مجالس المحافظات، او كليهما معا. حيث لم تمر دورة واحدة من دورات مجلس النواب دون ان يجرى خلالها تعديلا ما، بهدف ترسيخ السلطة والهيمنة والاستحواذ على هذه المجالس وعلى مناصب المحافظين. وكأنهم بهذا يؤكدون نزعة الهيمنة على المجالس وعدم السماح ببقاء اموالها بعيدا عن سطوتهم، بعدما هيمنوا على السلطات الاتحادية وما لها".

وقال:"ان جميع التعديلات التي ادخلت على القانونين المذكورين حصلت على التقييم السلبي، ذلك ان الصراعات الجارية في ظلها في هذه المجالس لا تدور حول افضليات تقديم الخدمات للناس، بل حول فرض ارادات واجندات حزبية ضيقة، وطائفية مقيتة، وشخصية بحتة".

وأشر، جاسم الحلفي، القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، اسباب عدم نجاح القوى المدنية في الوصول الى الحكم، سواء من خلال البرلمان او الحكومة او ان تكون مؤثرة في صناعة القرار السياسي، ان ذلك:"يعود الى سببين رئيسيين، الاول هو ان الامر خارج إرادة القوى المدنية، والثاني هو ان هذه القوى تنشأ وتعيش في الحياة السياسية الطبيعية، وهذه الحياة او الاجواء السياسية الطبيعية معدومة ، ففي الاوضاع التي سبقت 2003 وفي ظل الحكم الدكتاتوري حيث محاصرة الاحزاب السياسية التقدمية والحروب والحصار والاضطهاد والاعدامات ادت الى تفكك القوى المدنية في ظل غياب الحريات، مثل حرية التعبير عن الرأي والعمل السياسي وغياب المسرح والسينما وانحسار الحركة الثقافية الحقيقية وسيطرة النظام السابق على النقابات، مشيرا الى ان:" ما زاد الامور سوءا هو ان التغيير الذي حصل في 2003 كان وفق مشروع خارجي، حدث بفعل الاحتلال الاميركي وبمشروع اميركي وبنى مشروعهم على اساس طائفي وأثني، والقوى المدنية منهاجها ورؤيتها وطنية ديمقراطية ولا يمكن ان تكون ضمن هذا المشروع او المنهج وناصبته العداء ووقفت ضده ولم تشترك فيه، بينما انخرطت القوى الطائفية ضمن المشروع الاميركي وبدعم خارجي 

وافليمي الذي وفر لاحزاب الاسلام السياسي، الشيعية والسنية، بيئة مناسبة لانتعاشها حيث ابقت على المساجد والتكايا والحسينيات، ولاقت دعم اجتماعي كبير".

ونبه الى ان:"المشروع الاميركي جاء بالمحاصصة الطائفية وثبت الطائفيين والفاسدين بالحكم حيق مارسوا نهج المحاصصة بادعاء انهم يمثلون الشيعة وهناك من يمثلون السنة، وهو بالتأكيد تمثيل خادع ومزيف لانهم في الواقع مثلوا مصالحهم الشخصية والانانية والحزبية الضيقة واختصروا ما كانوا يسمونه بمظلومية الشيعة بمجموعة احزاب التي سيطر عليها بعض القادة المتنفذين الذين سيطروا على مقاليد الامور وصادروا ارادة جماهيرهم". 

واقر الحلفي بان :" السبب الثاني، الذي منع القوى المدنية من التأثير في القرار السياسي يتعلق:" للاسف الشديد بالنزعة الذاتية والانانية والتحسس من الاخرين، بمعنى ان الحزبي يتحسس من المستقل خشية ان يصادر سنوات نظاله الحزبي، والمستقل يخشى من سيطرة الحزبي عليه وعلى إرادته، اضافة الى ظهور نزعات الانانية وحب الظهور والتمسك بالزعامة، لذلك نرى ان هناك اعداد كثيرة من الاحزاب التي تشكلت تحت تسمية المدنية والديمقراطية واذا نتطلع على برامجهم الحزبية ستجدها متشابهو ومستنسخة عن بعضها البعض، زد على ذلك ان الاحزاب الطائفية حصلت على دعم خارجي واقليمي وعلى مال سياسي مكنها في البداية على شراء اصوات وتزوير نتائج في الانتخابات ثم استحوذت على الدولة وابتلعتها واستغلت اموال الفساد لاعادة انتاجها بالسلطة وشرعوا قوانين، مثل قانون سانت ليغو، تثبت بقائهم في السلطة واحكام السيطرة عليها ولم تتمكن القوى المدنية من مجابهة هذا التحدي".

وقال:"المطلوب اليوم من القوى المدنية، بعد ان اكتشف الشعب الكثير من الحقائق واصبحت الناس معارضة لاحزاب الاسلام السياسي المسيطرة على مقاليد الامور، ان تستنهض قواها وتغادر امراضها المزمنة وتتفق على منهاج واسع او تحالف يتفقون به على عدد من القضايا ويخوضون انتخابات مشتركة". 

وحذر جاسم الحلفي، القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، من ان:" الطبقة الحاكمة، لم تدرك انه في لحظة قد تُحل، ويمكن ان تتوحد قوى الخير المدنية الديمقراطية بكافة مناهجها واشكالها التنظيمية، ضمن فضاء الخلاص من تسلطها، وتخوض الانتخابات في قائمة انتخابية تتسع لكل المتطلعين للإصلاح والتغيير، ليحققوا من خلالها فوزا كبيرا يتناسب مع حجم رفض الشعب للفساد والاستبداد، الذي سبق وعبرت عنه الانتفاضة بالصورة المعروفة. وقد يكون هذه المرة عبر قائمة ذات فضاء يمتد ليشمل كل الرافضين للفساد والتهميش والحرمان والظلمات. وعندها يكون الناخبون قد سقوا المتسلطين من نفس كأس السم الذي هيّأوه هم لجماهير المواطنين".

علق هنا