بغداد- العراق اليوم:
بإطلالته الهادئة، واجوبته اللطيفة، وبلهجته الودودة، يطرح رجل الدين السيد رحيم ابو رغيف، آراءه وأفكاره الفقهية، بعيداً عن صخب المفتين، و (الشو ) الذي يفتعلونه من خلال البحث عن النشاز، والعزف عليه، اذ صار بعض رجال الدين ممن يظهرون على قنوات التلفاز، يلاحقون المشاهير، و نجوم الأكشن والمغامرات، من خلال طروحات راديكالية متطرفة، او فتاوى ما انزل الله بها من سلطان، من قبيل جواز أكل لحم الجن و غيرها من الفتاوى الفتنازية! مروراً طبعاً، بفتوى التكفير و منع التفكير، و تعطيل العقول، و منع النقاش، و إغلاق باب الاجتهاد، و التنطع الفكري، و الاستغراق في الماضي، و استنهاض الفارغ، و طمر الحداثة، ومحاربة التقدم، و لإمساك بكل ما هو رجعي متخلف. هذه الصورة النمطية للأسف التي تحتل شاشات التلفزيون في مشرق الوطن العربي و مغربه، إلاٌ ما ندر، و لكن السيد ابو رغيف، من مدرسة محترمة، معتدلة، مثقفة، واعية، قريبة من الحياة، بعيدة عن التشدد والتزمت، تخاطب عقول الناس و تحترمها، تدرك المقاصد الشرعية العليا، و تفهم ما بعد النصوص، و تعرف ان الدين وسيلة لضمان حياة كريمة وعادلة للإنسان، وتعي مفهوم الاستخلاف الإلهي، ولا تدعي ارتباطها الميتافيزيقي الماورائي، بل هي تجربة إسلامية ناضجة و تبحث عن الحقيقة دون تكلف، وتنطق بالحق دون مواربة او تملق العامة، و حاشاها من ذلك. هذا الخطاب الديني الذي يكتسي مسحة إنسانية معبرة، يذكرنا على الأقل بالعلامة والفقيه الراحل السيد محمد حسين فضل الله، و من قبله، علماء إجلاء كالعلامة محمد شمس الدين والعلامة محمد رضا الشبيبي و غيرهم من المتنورين الذين شهدت لهم أروقة الفقه الإسلامي بالريادة، و عرفتهم الأمة بالتسامح و اللين و الرقة، و الفهم الجديد لرسالة رجل الدين الإصلاحية. اننا من هذه الزاوية البسيطة نطلق رسالة خاصة الى هذا السيد الجليل، و نتمنى ان يواصل سيره في هذا الدرب، رغم صعوبته، (وقلة سالكيه)، ليكون كما عرفنا أسلافه، علامة مشعة ومضيئة كما اضاء لنا الراحل السيد هاني فحص و غيره من المتنورين الذين انتجتهم النجف الاشرف ولا تزال ترفد الساحة بمثل سماحاتهم الكثير والكثير.
*
اضافة التعليق