حسن حريب.. أيقونة الحرية في زمن الطغيان

بغداد- العراق اليوم:

كتب - عدنان الفضلي

الأحرار يخلدهم التاريخ، ولا وجود لذاكرة معطوبة إلا عند الذين لا يستهويهم المجد والشموخ، هكذا هو يقيني دائماً، لذلك أطرب عند سماعي قصصاً تستذكر الأحرار الذين تركوا بصمة واضحة في المنجز النضالي الذي اشتغلوا عليه وهم يمسكون بحبل العراق المتين.

قبل أيام استذكر الصديق والزميل (فالح حسون الدراجي) رئيس تحرير صحيفتنا (الحقيقة) واحداً من هؤلاء الأحرار الذين لم يحنوا رؤوسهم أمام الطواغيت، وأقصد بذلك ما كتبه (الدراجي) عن البطل (حسن حريب) وما كان يفعله مع (العفالقة) الأذلاء الذين خانوا شعبهم وساهموا بإذلاله وقمع كل من يرفض الظلم والجور، وكان ذلك الاستذكار بمثابة إزاحة الغبار عن صورة رائعة من صور الحرية والشجاعة التي يمتلكها (حسن) وقد نال الاستذكار الذي كان انثيالاً رائعاً بصيغة شهادة، استحسان القراء الذين بهتوا وهم يسمعون حكاية هذا المناضل الغيور، وكان بعضهم غير مصدقين، وسبب ذلك معرفتهم بقسوة ووحشية النظام العفلقي تجاه من يتصدى لهم، متناسين أن أحراراً كثر وقفوا ضد تلك الوحشية والقسوة مشرعين صدورهم للموت من أجل الوطن والشعب والحرية.

نعم، كان (حسن حريب) أحد الذين لم ترعبهم سطوة البعثيين الصداميين، وكان القدوة الباسلة للأحرار الذين يجابهون الدكتاتوريات وهناك كثير من الحكايات والوقفات التي سجلت لهذا السومري العنيد، حتى أن شجاعته وبسالته صارت تتناقلها الألسن مما شكل خطراً على (حسن) نفسه، ومن الحكايات الظريفة التي سمعتها ، أن أحد أبناء القطاع الذي يسكنه (حسن) في مدينة الثورة كان يكره البعثيين رغم إجباره على أن يكون من ضمنهم، وكان حزيناً لأنه صار مجبراً على حضور اجتماعاتهم الحزبية، وفي أحد الأيام كان عليه أن يذهب للإجتماع وفي طريقه شاهد (حسن حريب) جالساً أمام بيته فسلم عليه وقال له بحزن شديد (خالي حسن ما تسويلك فزعة وتروح تعزّل الفرقة الحزبية حتى بعد ما يسوون اجتماعات).

نعم، هكذا كانت ثقة أهل الثورة ببسالة (حسن حريب) فهم يجدون فيه شجاعة مختلفة عن بقية مزامليه وأصدقائه، لذلك كانت كتابة (الدراجي) عنه بمثابة رفع الستار عن جدارية لبطل من ذلك الزمان القاسي على العراقيين.

قبل أيام وصلنا خبر تعرض هذا البطل الى وعكة صحية (جلطة خفيفة) ألزمته الفراش، فوجه الزميل رئيس التحرير ولكونه خارج البلاد، بضرورة زيارته للإطمئنان على صحته، وذهب وفد من كادر الجريدة ممثلاً بالزميل (عباس غيلان) مدير إدارة الجريدة ومعه الزميل المحرر (محمد مؤنس) لزيارة (حسن) حاملين معهم باقة ورد عطرة تكريماً واحتراماً لهذا الرجل المناضل الذي كان وسيبقى أيقونة عراقية جنوبية سومرية كان لها السبق في تعليم الأحرار معنى أن تكون حراً وتواجه الطغيان والجبروت.

علق هنا