علي علاوي … بين عقدتي التفوق والدونية المتأصلة.. دوران في حلقة الفشل

بغداد- العراق اليوم:

حديث جديد لعلي عبد الامير علاوي، وزير المال الذي هرب من مواجهة مافيات الفساد، وتملص من الدفع عن استحقاق المنصب الذي تولاه، وفشل في ان يطبق ولو جزء بسيط مما كان يطرحه حول اصلاح الاقتصاد الوطني ، وتطبيق رؤية ليبرالية حديثة، ومعالجة الازمات البنيوية في منظومة الحكم، وغيرها من هذه الشعارات التي كان علاوي سليل الأسرة العريقة كما يقول وابن النسب الرفيع، يصدع رؤوسنا بها، ليتضح لاحقا انه مجرد ماكينة لا تنتج سوى الكلام، فيما يخفق في اي مواجهة، خصوصاً وانه من مؤسسي تجربة عراق ما بعد صدام، واحد اقدم الوزراء الذين انطلقوا في التجربة السياسية البديلة، وراح يحظى بالمناصب دون ان يكلف نفسه عناء التنافس الانتخابي او العمل الميداني، فالمناصب كما تقول بعض المصادر تأتيه جاهزة مجهزة بدعم العم « ابو ناجي» الذي يعيش هو في كنفه طريداً، بعد ان انهى حكم الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، سطوة عوائل الحقبة الملكية الغابرة التي كانت مجرد طفيليات تعتاش كالقراد على جسد المجتمع العراقي المغلوب على امره.

علاوي الذي ترك الحكومة السابقة وولى هارباً، يعود ليكشف في حديثه في معهد تاتشام في لندن ان بغداد تغيٌر وجهها منذ فارقها البعثيون بعد عام ٢٠٠٣، وانها فقدت بريقها مع صعود طبقات يسميها هو خليطاً، وان العاصمة ضاعت واصبحت استعادة الحكم فيها عملية عسيرة كما يرى المفكر الفطحل، وهكذا يظل يسرد تلك الرؤية الفتنازية المحملة بشحنات عنصرية، دونية، وفيها ضآلة فكرية، ونفس استعلائي على المشابه، وانحطاطي،  تواضعي، انسحاقي، أمام أؤلئك الذين يراهم علاوي يصلحون للحكم، ويمتدحهم، هذا المعاق فكرياً قبل ان تكون اعاقته الجسدية سبباً مضافاً لهذا النفس البغيض الذي ظهر كنفثات شوفينية. 

علاوي الذي يرى ان بغداد فقدت البريق بعد ان غادرها اصحاب الافواه العوجاء، وسكنها اولئك القادمون من مدن الجنوب والوسط، الذي يستحي علاوي ان يتشارك معهم ذات الانتساب العقدي، مع انه بأسمهم، وبدمائهم وتضحياتهم، عاد وتولى ما تولاه من مناصب، ولو لا هذه المدن لكان علاوي واشباهه لا يحلمون ان يروا بغداد ابداً فضلًا عن ان يحكموا فيها، لكنه يتناسى كل ذلك، ويرى ان بغداد تحتاج لعودة من غادروا محملين بالعار والشنار نتيجة لما ارتكبوه من فظائع وجرائم بحق الشعب العراقي، ومحملين أيضا بما سرقوه من اموال الشعب الذي نهبوه طوال عقود متواصلة.

وهكذا تزداد توهجا لديه (علاوي) عقدتي التفوق الذاتي تجاه مجتمعه المحلي، حيث هو ينتمي لعائلة شيعية ثرية، نافذة، ولذا تراه يتطهر من رجس هذا الانتماء كما يظن، ويحاول دفع الالتباس عنه، وايضاً تتوهج لديه عقدة الدونية التي يعانيها ازاء الاخر (……) الذي يراه نموذجاً للحاكم ومثالاً للنضج، ولذا يريد علاوي الوزير الذي سرقت من تحت يده المليارات ان يأتي من يطهر بغداد من هذا  الخليط الذي يقززه، ويصفه بأنه لا يحسن الإدارة، ولكأنه يريد ان يبرأ نفسه، وهو الذي باء بأوضح صور الفشل والخطل والضعف.

هي مناسبة لتذكير علاوي ومن يفكرون على شاكلته ان طريقة التباكي هذه، وذرف الدموع، ومسح اكتاف البعثيين والطائفيين، والتمسكن والتذلل امامهم، انما هو وصمة عار في جبينكم أنتم، وأيضا كلامكم  قبض ريح، أجلٌ الله القارئ الكريم، لن يغير من المعادلات شيئاً، فقد ولى زمن اولئك الظالمين، وولى زمن خير الله طلفاح الذي تشاركه الرؤية انت يا « علاوي» في ان الشيعة لا يصلحون لإدارة الحكم، وأنهم يجب ان يبقوا مجرد عسس وحرس وحدقچية وحمالين، وغيرها من المهن البسيطة، نعم، ولى ذلك الزمن آلى الأبد، واذا كان فشلك أنت من دفعك لتقول ما قلته، فأن نجاحات شباب هذا المجتمع ستضع بصمتها في طريق النجاح الذي ابتعدنا عنه فعلاً نتيجة لسوء الاختيارات ونعترف بذلك حين ظننا انك وأمثالك تحسنون تمثيلنا في لعبة الحكم، لكن بعض الظن اثم، وانت الأثم بعينه.

وأخيرا فأننا لا ندعي ان النظام الحالي مثالياً البتة، وهو محمل بالاخطاء والخطايا لكن وكما يقول السيد المسيح من كان منكم يلا خطيئة فليرجمها بحجر، فهذه العملية السياسية الفاسدة انما هي نتاج سني - كردي - شيعي، فلماذا تريد تضعها في رقبة مكون واحد، وفئة واحدة من ابناء الشعب العراقي.

علق هنا