بغداد- العراق اليوم:
الدكتور شاكر كتاب
لن أتردد ولو للحظة واحدة في ان أعلن انني اتعاطف مع اقليم كردستان ومع الكرد وقضيتهم العادلة. منذ بدايات درايتي بالمشكلة الكردية وتفاصيلها وقفت الى جانبها مؤيداً وداعماً لها كقضيةِ شعبٍ له سماته الخاصة من النواحي كلها. ليس بسبب أصدقائي الكرد الكثيرين انما لقناعتي ان القضية الكردية لا تختلف بشيء عن قضيتنا العربية. فكما نحن امةٌ مجزأة كذلك الكرد. وكما نحن لنا الحق في وحدتنا أو اتحادنا كذلك هم لهم الحق نفسه. وكما نحن مضطهدون من قبل الأنظمة بشتى تسمياتها كذلك هم.
ولكي يكون شرفنا أكبر كتب علينا ان نكون معاً في وطنٍ واحد. دائما رفضت تماماً وبشدة اضطهاد الكرد لأي سبب كان وتحت أية ذريعة. نعم انا مع الحساب الشديد لمن يخالف القوانين لكنني ضد ان يتعرض للظلم شعب له كل مقومات القومية من لغة ودم مشترك وقناعات وثقافة وتاريخ لأسباب عنصرية او سياسية. قد اختلف مع نهج القادة الكرد في بعض المواقف لكنني أنحني أمام نضالات الكرد شعباً وقيادات من اجل نيل حقوقهم حتى تلك التي هي موضع خلاف بيننا. فإصرارهم وعنادهم لا للسلطة ولا للمال انما لقضيتهم التي يؤمنون بها.
خدمت العسكرية الإلزامية في شمال العراق ( إقليم كردستان ألان) وكان واجبي تعليم المواطنين الأكراد في اعماق القرى الكردية في مناطق بالندة وبامرني اللغة العربية. وكنت لأسباب سياسية (منزوع السلاح) تماماً. تعلمت من تلاميذي اللغة الكردية وان أضحك من أعماق القلب وبهجةً غريبة تنتابني كلما نزلت من الجبل نحو القرية. كان خبز الصاج واللبن والدهن فطوري الثاني عندهم. كنت أمضي أغلب أوقات النهار عندهم ولثلاثة ايام في الاسبوع. تعرضت لي مرة واحدة فقط قوة كردية كنا نسميها ( العصاة) وبعد التحقيق اوصلوني الى الممر الضيق الذي يقودني الى اعلى الجبل حيث مقر السرية. عندما جاء يوم تسريحي مررت قبل يوم لوداع تلاميذي هههه. اقسم بالله بكيت واقسم بالله بكى ابو حمه والحاجة أمه. ولم استطع ان اتقبل اية هدية تذكارية خشية اتهامي بما لا يعلمه الا الله لاسيما ان بعض قادتنا العسكر لم ينس بعد رفضي لأوامر لا أظنها الان تستحق الذكر.
وتعاطفي مع الكرد إذن له نكهة تاريخ وفكر وعقيدة. كنت من أوائل الشباب السياسيين الذين التفوا بحماس حول شعار "الديمقراطية العراق والحكم الذاتي لكردستان". وكنت أول المتظاهرين تأييدا لبيان آذار عام 1970 الذي مهد لقيام الجبهة الوطنية والقومية التقدمية 1974. لكن من فرّط ببيان آذار فرّط كذلك بالجبهة و"لاحظت برجيلها ولا خذت سيد علي". ومنذ ذلك الحين افترق العراق على نفسه وعدنا نتقاتل وعاد الكرد لمطالبهم التي كانت ولا زالت في أغلبها مشروعة.
كنت في بولونيا وكانت الندوات والمؤتمرات تعقد باستمرار وأبطالها دائما الكرد. كنت اشارك فيها وألبي دعواتهم كلها وأدخل معهم في جدال وخلاف طويل ومنهم من يسكن معي في شقتي لأنه جاء الى وارشو من محافظات بعيدة. في شقتي نواصل العركة والخلاف وهم يعرفون نواياي وأفكاري فلا يغضب احد منهم. اوصلت مرة المهندس كاكا كامل الى القطار ليعود الى كراكوف وطلب مني ان ازوره الى مدينته "ولو انت زعلان كاكا شاكر". لبيت الدعوة والتقيت هناك بأكراد من إيران واستمرت مشاكلنا في النقاش. كان البعض منهم يتهم العرب بالشوفينية لان الانظمة العربية تضطهدهم. سألتهم عن نظام عربي واحد لا يضطهد العرب؟ فلم الق جواباً.
اليوم تتعرض أراضي إقليم كردستان وقراه الحدودية للقصف المدفعي الإيراني. فعادت المواجع. قتلى وجرحى. وهذا شأن العراقيين كلهم. لا دولة تدافع عنهم ولا حكومة تنتصر لهم. سوى أنهم يستنكرون والمصيبة انهم يستنكرون وبشدة ما بعدها شدة.
اقول لأخوتنا الكرد: لا أحتاج شيئاً والحمد لله ولا اظن انني سأزور أربيل أو أية محافظة في الوقت القريب. ولا احتاج ان يرضى عني أحد. لكنني احتاج جدا ان اعلن تعاطفي معكم وحبي لكم ومن يكرهكم يكرهني وأكرهه. ومن يحبكم يحبني وأحبه. وأنا حسب ما اعتقد وعن قناعة أنني اتكلم بإسم كل عرب العراق أو على الأقل الغالبية منهم وكلامي موجه الى كل أكراد العراق.
لكم محبتي وأنا معكم،
*
اضافة التعليق