بغداد- العراق اليوم:
فالح حسون الدراجي
افتتاحية جريدة الحقيقة
أمس طالعتنا الأخبار والصور القادمة من مدينة نيويورك الأمريكية، بصورة فوتوغرافية عن لقاء،جمع بين رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي وملك الأردن عبد الله الثاني، على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 77. وقد لفت إنتباهي في الصورة المنشورة، تلك الابتسامة العريضة التي (أكلت وجه) الكاظمي، فرحاً وسعادة وسروراً بلقاء أخيه جلالة الملك الأردني، وبالمقابل فقد لفتت انتباهي أيضاً تلك الابتسامة (الخجولة) المرسومة على شفتي جلالته! ولم يترك التباين بين الابتسامتين أي إشكال عندي، فأنا أعرف الفرق بيننا وبين غيرنا في صدق المشاعر ونبلها، فالجميع يعلم، ولست وحدي، أن العراقيين حين يضحكون فهم يضحكون من القلب، وحين يبكون فهم يبكون من كل جوارحهم، فيظهر عمق الضحكة أو الدمعة جلياً في وجوههم، أو على عيونهم الباكية! هكذا خلق الله العراقيين، قلوباً طيبة، وعيوناً نقية، ووجوهاً صادقة، لا تعرف الرياء ولا التمثيل سواء في مشاعرهم الخاصة، أو في علاقاتهم مع الآخرين، فهم قطعاً لا يبتسمون نصف إبتسامة حين يبتسمون، ولا يعرفون (نصف) الدمعة حين يبكون، إنما هم مجانين، باذخون، فتراهم يفتحون (حنفية) الدمع على آخرها وبكل ما فيها من ماء أسود، وبقايا ضوء، وحزن، حينما تبكيهم اللحظة. وبقدر ما أفرحني لقاء الأخوين في نيويورك، وأسعدتني تلك الابتسامة الواسعة على وجه الرئيس الكاظمي، والابتسامة (الخجولة) على وجه الملك عبد الله، ومن فرط سعادتي، رفعت يدي الى الله داعياً المولى القدير أن يديم على الكاظمي نعمة الفرح، واتساع الإبتسامة، وأن يحفظ جلالة الملك عبد الله، (ويعطيه العافية)، ويديم على جلالته هبة الابتسامة حتى لو كانت خجولة، (وعلى الطاير)! وبالقدر الذي أثلج هذا اللقاء الودي صدري، وصدور العراقيين، فإني تمنيت على دولة رئيس الوزراء أن يستغل هذا المناخ الطيب، ويستثمر أجواءه المعطرة بالابتسامات، فيتكرم على أبناء شعبه من العراقيين الذين تسوقهم الظروف، وترمي بهم الأقدار السيئة على منافذ السفر الأردنية، ويطلب من شقيقه الملك عبد الله، أن يصدر أمراً الى (الخنازير) الأردنية التي تشرف على إدارات المطار والمنافذ البرية الحدودية مع العراق، يطلب منها ضرورة احترام كرامة المسافرين العراقيين، وأن تتوقف هذه الخنازير عن طرح الاسئلة السخيفة عليهم، خصوصاً أبناء طائفة معينة، وأن تتوقف هذه المخازي والمهازل عند هذا القدر، وهذا الحد، فقد بات الأمر كريهاً ومخجلاً، بحيث تشمئز منه النفوس والعقول والضمائر، بل وباتت ترفضه اليوم حتى الأنظمة الطائفية، المتجذرة في مثل هذه التوجهات. وأمامنا اليوم المملكة السعودية وقطر، اللتان تخلتا عن سياستيهما الطائفية العدوانية، بل واستدارتا مائة وثمانين درجة في نوعية تعاملهما مع العراقيين دون تمييز، إلاٌ النظام الأردني، فقد ظل يواصل نهجه العدائي ضد الشعب العراقي باصرار وقوة عجيبين ! كما أرجو من دولة الكاظمي أن يسأل شقيقه الملك، ويقول له: أما حان الوقت لتشبع خنازيركم من توجيه الاهانات والعبارات الجارحة الى أبناء شعبنا، وتكف عن التمييز في تعاملها معهم، وتبطل استخدام الأسلوب غير اللائق، والوقح في المنافذ الحدودية، متى ستنتهي هذه الألسن من توجيه الاساءات الى أهلنا الكرماء، ثم ألا يكفي عشرون عاماً من الحقد والكراهية غير المبررة ضد بلادنا؟! فمتى يكف الأجلاف عن معاملة أهلنا بهذه الطريقة الاستفزازية، وغير الأخلاقية في المراكز والمطارات ونقاط الحدود؟ ولماذا لا يتذكر الأردنيون أفضال العراق وخيراته عليهم، وما يقدمه لهم من التخفيضات الهائلة في اسعار النفط، وفي الأبواب والمجالات المالية والاقتصادية المفتوحة نحوهم، وهي ابواب خير ومنفعة لا تعد ولا تحصى! نحن لا نريد منك يادولة الرئيس أكثر من أن تطلب من شقيقك وصديقك جلالة الملك إصدار أمر واحد الى (خنازيره ) في المطارات والمنافذ الحدودية بأن يعاملوا المسافرين العراقيين كما يعاملوا مسافري جيبوتي والسودان وارتيريا وموريتانيا ومدغشقر وساحل العاج لا أكثر، وطبعاً فنحن لا نطالب -لاسمح الله - بمساواتنا مع مواطني الدول المدللة أردنياً، كقطر أو السعودية، أو الكويت أو بريطانيا أو أمريكا أو كندا أو فرنسا أو إسرائيل أو غيرها من الدول المدللة الأخرى! نحن نريد فقط معاملة طبيعية سواء في المنافذ، أو في مراكز الشرطة المتعجرفة داخل المدن الاردنية، بما يليق بنا، وبحقوقنا الأخوية، وبما يتناسب وكرم العراقيين، الذين ما فتئوا يطعمون أبناء الشعب الأردني من خيراتهم، زاداً طيباً كريماً دون منة أو عجرفة او تبرم، فلولا العراق ل(هلك) الأردن منذ اربعين عاماً وليس اليوم فحسب، لذا على هؤلاء الاردنيين أن يحترموا اليد العراقية الشريفة التي اطعمتهم كل هذ السنين ولم تطلب منهم جزاءاً ولا شكورا ! وهنا أريد أن أستغل هذه المناسبة، وأدعو بصدق الى تطوير العلاقات الأردنية العراقية، والى مزيد من التقدم والقوة، لما فيه خير الشعبين الشقيقين-أؤكد على الخير للشعبين الشقيقين وليس الخير لشعب واحد، على حساب الشعب الآخر-. كما أتمنى شخصياً أن تدوم الابتسامة على وجه -أبي هيا- مقرونة بالصحة والعافية، راجياً أن لا ينسى الطلب من شقيقه الملك بالاطلاع على ما يلاقيه العراقيون من أذى وسوء معاملة على يد خنازير جلالته في منافذ الحدود. وربما يجيبني الكاظمي، ويقول لي، ان تعامل السلطات الاردنية قد اختلف مع العراقيين منذ ان اصبح هو رئيساً للوزراء، وأنا أقول له بالفم الملآن: لا يادولة الرئيس، لا والف لا، فالسلطات الاردنية لم تختلف في تعاملها مع العراقيين قط، بل هي زادت من سفالة تعاملها معهم في عهدك الميمون. وكي أكون منصفاً، فإن هذا التعامل السيء لم يتغير مطلقاً في حكومات الجعفري والمالكي والعبادي وعبد المهدي، والكاظمي، بل كان يزداد سوءاً من حكومة لأخرى، وللأسف فقد وصل اليوم مستوى التعامل السي الى درجته الأعلى ! وللتأكيد على ذلك، احتفظ بثلاث رسائل وصلتني قبل فترة من ثلاثة مواطنين عراقيين تعرضوا الى اهانات وفظاعات كبيرة على يد (خنازير) جلالة الملك في مكاتب المنافذ الحدودية، ومن بين هؤلاء الثلاثة مواطن عراقي من أبناء (الفلوجة)! وربما سأنشر هذه الرسائل الموجعة قريباً ! ختاماً أرجو، واتمنى أن يتحدث الرئيس الكاظمي مع الملك عبد الله - ولو لمرة واحدة- بلغة مختلفة، لغة فيها معاني واضحة ومفهومة وقوية، لغة تحفظ للعراقي كبرياءه وماء وجهه، لغة تنتمي الى أبجدية العزة والكرامة العراقية، لكي يعرف جلالة الملك ومن خلفه الأردنيون جميعاً، أن العراق بلد عظيم، عمقه مغروس في جذور التاريخ البعيد، وإن عمر بلاد الرافدين سبعة آلاف سنة، وليس مثل بعض البلدان ( اللملوم) التي تم ( تجميعها) على طريقة من كل قطر أغنية! نعم، يا سيدي الرئيس، عليك أن تتحدث مع جلالته (بعين حمره)، ليعرف هو، وغيره من (الخنازير ) الأردنية، قيمة العراق العظيم، وأهميته، ويدركون أهمية النفط العراقي الذي يأتيهم نصفه مجاناً، والنصف الآخر (يخلصّون علينا فلوسه إعلوچ، وجگاير، ويعطيك العافية)..!!
*
اضافة التعليق