مدينة الثورة..  من (قناة) الشعر حتى (سدة) الملاعب !

بغداد- العراق اليوم:

فالح حسون الدراجي

افتتاحية جريدة الحقيقة

ما أن نُشر مقالي (جيل دحر الفقر .. ومدينة هزمت العوز) في افتتاحية (الحقيقة) يوم الخميس الماضي، حتى تلقيت عدداً من الرسائل والإتصالات والتعليقات والاقتراحات من بعض الأصدقاء والزملاء، لاسيما أصحابي القدامى وأبناء جيلي في مدينة الثورة .

وقد أشادت جميعها بالمقال، وأثنت على وضوحه، ودقة تشخيصه، لاسيما في تحديد العوامل والأسباب التي أدت الى الإنهيار الذي أصاب المنظومة الأخلاقية للمجتمع العراقي، حتى يكاد يكسر عموده الفقري  من هول أثقال الرزايا التي وقعت عليه.

 ولعل تاكيد البعض من  الأصدقاء على ما حمل المقال من مفردات الحب والمودة والحميمية، ودفق المشاعر تجاه جيلنا الذهبي، ومدينتنا الكادحة، كان هو الأهم عندي. 

ولا اذيع سراً لو قلت بأني قد اعجبت كثيراً بكل ردود أفعال القراء، وتفاعلهم الواضح مع فكرة المقال، لكن الذي لفت انتباهي أكثر، تعليقان لصديقين عزيزين، وصلا ضمن ما وصلني من عشرات التعليقات، الاول يسألني فيه صاحبه عن سبب إغفالي مصيبة المخدرات التي وقع فيها البعض من شباب هذا الجيل، وفيما إذا كنت سأخصص له مقالة.. اما التعليق الثاني فأنقله لكم نصاً كما هو :

(الحبيب أبا حسون .. أهنئك، وأحييك على هذا الوفاء المنير لمدينتك النجيبة، وأتمنى عليك أن تواصل وتكمل هذا السفر العذب والجميل، فأنا أرى  أنك قادر على مواصلة هذه الرحلة الممتعة، بل وانت الجدير بها، وبكتابة عشرات الحكايات اللذيذة والحميمية عن مدينة الثورة الباسلة، وأبنائها الاستثنائيين الذين لن يتكرروا بعد الف جيل، فانت يا صديقي وبدون مجاملة، مؤهل لأن تكون ذاكرة فنية وانسانية حية لمدينة لن تموت أبداً، وإلا فمن غيرك سيتصدى لمثل هذا المشروع الاخلاقي، ويدون حكاياتنا وقصص عشقنا، وليالينا، ويصور إبداعنا المجنون بصدق وأمانة ليقدمه على طبق من الجمال لأبناء وأجيال التاريخ الجديد، من سيأتي غيرك، وغيري، ليحمل تلك السنوات اللامعة والملونة ويضعها فوق طاولة أيام النشء الشاب، ويقول له بحب: إقرأ  يا بني، فهذه سيرة أهلك الكادحين الذين قهروا الزمن وأذهلوا المستحيل، وانظر ياولدي بعينك عناءهم، وصبرهم !

إنها يافالح، سنواتنا بكل افراحها واحزانها وصخبها وخيباتها ومكاسبها.. )

ويمضي صديقي في رسالته وتعليقه لي قائلاً: 

(نعم، وأنا واثق انك ستجد بعد فترة، قد أنجزت شيئاً مثيراً ومهماً ربما لم تكن تتوقع إنجازه قبل ذاك، بل وسيتجمع عندك ما يستحق ان تؤلف منه أكثر من كتاب ومطبوع.

نعم فأنت ستكتب يوماً عنا -نحن أبناء ذلك الزمن المر  والحلو- كتاباً فيه الكثير من الحكايات الحميمة، وستسطرعن مدينتك الكثير من الروائع، وستهرع بكتابك هذا الى المطبعة وأنت فرح وسعيد بما أنجزت.. كيف لا تفرح وأنت الذي انفردت بجمال المبادرة، وتميزت بأريج الوفاء لمدينتك، ولجيلك الذي وصفته بالجيل بالذهبي، وللتاريخ الذي أطربته بسمفونية الجمال والوفاء  ......الخ )!

وعدا هذين التعليقين، أعجبني تعليق آخر لا يتعدى السبعة أسطر، كأن شاعراً، أو فناناً قد كتبه، وكم ذهلت حين وجدت الدكتور علي العلاق، محافظ البنك المركزي العراقي السابق، هو  كاتب التعليق ومرسله، وعذراً لذكر اسم العلاق، دون ذكر أسماء المرسلين الآخرين، فقد اردت فقط ان أعبر عن سعادتي بالإمكانات الفنية والأدبية التي يتمتع بها أبناء مدينة الثورة حتى لو كان بعضهم متخصصاً في الشأن المالي، أو المصرفي أو حتى العسكري، وأظن أن سبب هذا الرقي والجمال في اللغة يعود الى أن أبناء هذه المدينة يملكون ويشتركون جميعاً بجينات المدينة ذاتها، وهي جينات ممهورة بالشعر والجمال والإبداع، ولا يمكن أن تجد فرداً في مدينة الثورة لم يفتن يوماً بالشعر، أو يصب بفايروس الإبداع والتميز، وكم تمنيت أن أعرض هنا رسالة الدكتور العلاق، لكن المجال لايسع لذلك!

ثمة رسائل أخرى وصلني بعضها من شخصيات سياسية مناضلة، وأسماء قيادية فاعلة ومؤثرة في الدولة والجيش والسلك الدبلوماسي، ورسائل أخرى من رموز إبداعية عراقية معروفة، وتعليقات وصلت من مواطنين كلها تنطق بكلمات وعبارات مؤثرة، أجزم أن أي كاتب آخر، يتمنى أن يسمعها أو يقرأها، أو  أن يشم عطرها في بريده، كمكافأة له على مقالة نشرها، أو قصيدة عرضها، أو عمل إبداعي منشور يعرضه على القراء.

أحد الأصدقاء من أبناء قطاعي (أي قطاع 43)، نشر في صفحتي تعليقاً على المقال، يستحلفني بروح والدي المرحوم (أبو خيون) أن اكتب مقالة عن نجم منتخب العراق، وابن المدينة، اللاعب الراحل ناطق هاشم.

كما طلب مني صديق آخر أن أكتب عن ابن المدينة، المطرب عبادي العماري. وكم تمنيت ان اعرض على حضراتكم بقية التعليقات، مع أسماء جميع مرسلي هذه الرسائل الكريمة، وبكل ما تحتويه وتفوح به من مشاعر زكية وطيبة، لكن الأمانة تطلب مني الحفاظ على محتواها، وتأمرني الثقة ان اكون في محلها، لذلك اكتفيت بذكر اسم واحد من الأسماء.

لذا، فإني أتقدم بالشكر الجزيل لكل من تكرّم عليّ برسالة أو اتصال أو  قام بالتعليق، كما أعد صديقي الغالي (ص- خ) أن أكتب عن كارثة المخدرات التي ابتلي بها هذا الجيل المبتلى أصلا.. علماً بأني سأتنازل عن موقع مقالي الإفتتاحي لكل من يودّ التفضل بكتابة مقال عما يتعرض له شبابنا في حرب المخدرات التي تتنافس دول الاقليم مع (اسرائيل) على تصديرها الى العراق،  واغراق البلاد فيها .. كما سأكتب عن الراحل ناطق هاشم، والراحل كاظم وعل، والشهيد بشار رشيد، والراحل كاظم عبود، والنجم فلاح حسن، والنجم كريم صدام، والنجم عباس عبيد، والبطل علي الگيار، والبطل اسماعيل خليل، والبطل عبد الزهره جواد والبطل حسن بنيان، كما سأكتب عن الراحل حبيب العلاق، وعبد الواحد حاتم، وچلوب عبود، وأبو الوليد ورؤساء فريق اتحاد فيوري والمنتظر، ونهضة الشباب وغيرهم، وأكتب عن الابطال عباس لعيبي وشعوب قحطان ومفتن زاير وجميع نجوم الرياضة العراقية من أبناء المدينة..

أما الكتابة عن المطرب عبادي العماري، فستكون من أول اهتماماتي في تدوين سيرة هذه المدينة وسيكون معه في الذكر حسين سعيدة والمنكوب وصباح الخياط وعودة فاضل، وفرج وهاب، ويونس العبودي، وعبد فلك، ووحيد الأسود، وفليفل، وعبد رويح وغيرهم من مبدعي مدينتنا.. أما عن الشعراء من أبناء المدينة، فحدث بلا حرج، فالجميع يعرف أن مقود الشعر في العراق بيد شعراء مدينة الثورة، فما أكثرهم، وأعظمهم ..

ولا يفوتني أن أنوه الى أن الروائيين والقصاصين والمسرحيين والفنانين التشكيليين من أبناء المدينة ستكون لكل واحد منهم حكاية عندي.. نعم، فهذا ما يخص الكتابة عن مآثر جيلنا الذهبي، وسيرة مدينتنا -الثورة -و أقول:

أتعهد بكتابة عشرات المقالات عن هذه المدينة المختلفة عن جميع مدن  الكون، وسأفكر من الآن بكتاب قد يحمل اسم: 

مدينة الثورة من (قناة) الشعر حتى (سدة) الملاعب.. وسيكون الكتاب منوعاً، شاملاً، بدءاً من الكبير كاظم اسماعيل الكاطع، وانتهاءً بالمرحوم (مريدي) الذي أطلق اسمه على أكبر سوق في تاريخ الأسواق العراقية بل والعربية أيضاً!

علق هنا