المحكمة الاتحادية العليا تثبت للعالم بأسره أنّها صمّام أمان العراق

بغداد- العراق اليوم:

بقلم أياد السماوي

لم يراودني الشّك قيد أنملة أنّ المحكمة الاتحادية العليا ستخرج بهذا القرار الشجاع والصائب بالرغم من كلّ التهديدات و الضغوط التي تعرّضت لها المحكمة وأعضائها , حتى وصلت هذه التهديدات إلى التهديد بالقتل والسحل وما إلى ذلك , لكنّ الذي يعرف مسيرة رئيس وأعضاء المحكمة المهنية الناصعة سيصل حتما إلى ما وصلت له إليه ومن غير شّك أيضا , ولا شّك أنّ القرار ( 132 / اتحادية / 2022 ) سيضاف هو الآخر إلى سلسلة القرارات التي حمت نظام العراق السياسي من السقوط , وهي بهذا القرار التاريخي قد أثبتت للعالم بأسره أنّها صمّام أمان العراق .. سعادتي وفرحتي بهذا القرار التاريخي ليس لأنّه أنهى هذا الجدل الدائر حول صلاحية المحكمة بحلّ مجلس النواب , فهذه قضية واضحة كالشمس ويعرفها الجميع حتى غير المختّص بالقانون والقضاء الدستوري , فالمادة (93) من الدستور العراقي التي حدّدت اختصاصات المحكمة الاتحادية ولم يرد من ضمنها حلّ مجلس النواب , وعلى العكس من ذلك فإنّ المادة (64/أولا) من الدستور قد أوضحت بما لا يقبل الجدل أنّ حلّ مجلس النواب هو من الاختصاصات الحصرية للمجلس , وليس لأيّ سلطة مهما كانت مصادرة هذا الحق الحصري , لأنّ السلطات الاتحادية تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات , وفق ما جاء في المادة (47) من الدستور العراقي ..  

لكنّ روعة هذا القرار التاريخي يكمن في إشارتها إلى أنّ استقرار العملية السياسية في العراق يفرض على جميع المؤسسات الاتحادية وغير الاتحادية الالتزام التام بأحكام الدستور وعدم تجاوزه , فلا يجوز لأيّ سلطة الاستمرار في تجاوز المدد الدستورية إلى ما لا نهاية لأنّ في ذلك مخالفة للدستور وهدم للعملية السياسية بالكامل وتهديدا لأمن البلد والشعب , كما إنّ الجزاء الذي يجب أن يفرض على مجلس النواب ليس من صلاحيات المحكمة بل هو من صلاحيات مجلس النواب , وإذا ما توّفرت مبررات حل المجلس فهذا يقع على عاتق المجلس نفسه .. وهذه النقطة بالذات قد حملّت رئاسة مجلس النواب حصرا مسؤولية عدم التزام المجلس بتنفيذ واجباته الدستورية المنصوص عليها في المادة (61/ثالثا) والمتمّثلة بانتخاب رئيس الجمهورية , ومحاولة رئيس المجلس بالاتفاق مع رئيس اللجنة القانونية بعرقلة عودة المجلس لممارسة أعماله لأسباب سياسية بحتة خارجة عن الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2016 .. فالخلل هو في مجلس النواب نفسه رئاسة وأعضاء , وعلى من يطالب بحل المجلس فليتوّجه إلى الكتل السياسية بذلك وليس المحكمة الاتحادية .. وبهذا القرار لم يعد هنالك أيّ قيمة قانونية لما يسّمى ( مجلس الحوار الوطني ) , ولا قيمة لشروط الحلبوسي العشرة بعد قرار اليوم , وما على الإطار التنسيقي إلا دعوة الجميع لاستئناف أعمال مجلس النواب فورا , وإنهاء حالة عدم التزام المجلس بالتوقيتات الدستورية الواجبة والحتميّة .. فشكرا لرجال المحكمة الاتحادية العليا الأبطال الذين أثبتوا للعالم بأسره أنّهم صمّام أمان العراق وقلعة الدفاع عن النظام والديمقراطية في العراق ..

في 07 / 09 / 2022

علق هنا