الشعب قد سأم من أكذوبة المنهاج الحكومي ..

بغداد- العراق اليوم:

بقلم أياد السماوي

في ظل النظام السياسي القائم , دأب المواطن العراقي على سماع ثلاثة أنواع من البرامج , هي البرنامج الحكومي وبرنامج الحزب أو الكتلة وبرنامج الناخب المرّشح لمجلس النواب , والبرامج الثلاثة هي عبارة عن كذبة كبيرة وخداع للرأي العام جرى العمل بها , فلا الناخب قد أوفى بالتزاماته أمام ناخبيه ولا الحزب أو الكتلة السياسية قد أوفت بالبرامج التي تعهدّت بها للشعب قبل الانتخابات ولا الحكومات المتعاقبة قد نفذّت برامجها التي صوّت عليها في مجلس النواب , وبالرغم من أنّ عامة الناس يعلمون جيدا أنّ هذه البرامج التي يتعهّد بها الأفراد والأحزاب والحكومات ما هي إلا أكاذيب يراد منها التضليل ليس إلا , لكن مع هذا فإنّ الممثلين والجمهور يستمتع كلاهما بممارسة هذه الكذبة .. وقبل أن أبدأ بسرد توضيح مبسّط عن البرنامج الحكومي أو كما يسّميه الدستور العراقي المنهاج الحكومي , لا بدّ للرأي العام العراقي أن يعرف من هي الجهة المكلّفة دستوريا بإعداد المنهاج الحكومي , والحقيقة أنّ مصطلح المنهاج الحكومي لم يرد إلا في ( المادة 76 / رابعا ) من الدستور العراقي حيث نصّت على ( يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف اسماء اعضاء وزارته ، والمنهاج الوزاري ، على مجلس النواب ، ويعد حائزا ثقتها ،عند الموافقة على الوزراء منفردين ، والمنهاج الوزاري ، بالأغلبية المطلقة ) , أي أنّ المكلّف دستوريا بإعداد المنهاج الوزاري هو رئيس مجلس الوزراء المكلّف تحديدا وحصرا .. وهكذا جرى العمل عليه من قبل رؤساء الوزراء السابقين بتقديم مناهجهم الحكومية إلى مجلس النواب للتصويت عليها عند عرض اعضاء الحكومة ..

وبغض النظر عن تنفيذ أو عدم تنفيذ هذه الكليشة المسّماة بالمنهاج الحكومي , فالمنهاج الحكومي هو برنامج الحكومة الذي يقدّمه رئيس مجلس الوزراء المكلّف إلى مجلس النواب للتصويت عليه وإقراره , وهذا يعني أنّ اللجنة التي شكلّها الإطار التنسيقي لإعداد المنهاج الحكومي قبل بضعة أيام , هي لجنة غير دستورية ولا يحقّ لأي كتلة القيام بإعداد المنهاج الحكومي غير رئيس الوزراء المكلّف , لأنّ الذي سيكون مسؤولا أمام مجلس النواب هو رئيس الوزراء وحكومته .. في مقالنا لهذا اليوم نريد أن نقول لأخوتنا في الإطار التنسيقي وبكلّ محبّة أنّ الشعب العراقي قد سأم من هذه الأكذوبة المسّماة بالمنهاج الحكومي , وقد آن الأوان أن نقلع نهائيا عن هذه الأكذوبة ونكتب برنامجا واقعيا قابلا للتنفيذ وبالأرقام يتعهد بتنفيذه رئيس مجلس النواب أمام مجلس النواب والشعب العراقي .. وعندما يصوّت مجلس النواب على وثيقة المنهاج الحكومي تصبح وثيقة دستورية وقانونية واجبة التنفيذ , ولكن وللاسف الشديد أنّ ما دأبت عليه الحكومات السابقة قد أفرغت هذه الوثيقة الهامة جدا من محتواها القانوني وحوّلتها إلى مجرّد كليشة عديمة اللون والطعم والرائحة , فهي مجرّد إنشاء وكلام فارغ يقوم بوضعه مخادع متمرّس ليخدع به الشعب العراقي , فإذا كان البرنامج الحكومي هو تعهد مكتوب من قبل السلطة التنفيذية إلى السلطة التشريعية ، بما سيتم تنفيذه خلال الأربع سنوات القادمة في القطاعات المختلفة , فهذا يستوجب أن يكون واضحا وشاملا وبعيدا عن الإسهاب والإنشاء والشعارات الفضفاضة .. الشعب يريد برنامجا حكوميا بالأرقام لكل قطّاع من القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وقد آن الأوان أن نقول للشعب هذه الحكومة ستقوم ببناء كذا عدد من المستشفيات والمدارس والمساكن , وستعمل على تخفيض نسبة مساهمة النفط في الدخل القومي بنسبة كذا لصالح القطاعات الاقتصادية الأخرى من زراعة وصناعة وسياحة واتصالات , وستعمل على إنهاء مشكلة الكهرباء وأنجاز ميناء الفاو الكبير ومطار الحسين , وغيرها من المشاريع التي يتطلّع لها عامة أبناء الشعب العراقي .. في الختام نقول لقد سأمنا أكذوبة المنهاج الحكومي ونريد منهاجا واضحا وعمليا وقابلا للتنفيذ يتعهد به رئيس مجلس الوزراء أمام الشعب العراقي ويلتزم بتنفيذه ..

علق هنا