بغداد- العراق اليوم: هذه وثيقة اخرى من وثائق الزمن الجميل الذي ينوح عليه البعثيون وبقاياهم وذيلوهم، وطبقة " الدونية" التي تحن الى سياط الجلادين، ولا تنام الا على نغمات الأوجاع، وتتوسد ذاكرة الجوع والمذلة والهوان التي عاشها العراقي، كواحد من معذبي الارض الذين لم يخطر ببال فانون ذكرهم في كتابه الشهير. هذه وثيقة لحكم قرقوشي مارق، قضى باعدام المواطنة العراقية الشهيدة ( سعاد كاظم علي الكعبي) المعلمة التي كانت في منتصف عقدها الثاني، لم ترتكب اي جريمة قانونية، او تهدد امن الدولة، لم تفشٍ اسرار عسكرية، لم تقم بتنظيم عسكري يسعى لقلب نظام الحكم، انها لم تقم بأي جريمة يصنفها القانون السماوي او الوضعي، لم يذهب اي مشرع على وجه البسيطة الى اختراع نص يعاقب عليه، انه " الضحك". نعم، ضحكت سعاد ببراءة، اندفعت بعنفوان الشباب، باحلام الطفولة التي لا تزال ظلالها ملتصقة فوق ثيابها النظيفة، ضحكت على نكتة قالها غاضب، او اوحى بها خائف من ان تلتهمه نيران حرب عبثية تلتهم الآدميين، فلم يجد سوى ان يطلق نكتة عابرة، حولتها البربرية الصدامية لجربمة تستوجب قطع رأس عراقية مسكينة ساقتها الأقدار أن تولد في بقعة كان الطغيان والاجرام ينمو اكثر من نخيل البلاد على كثرتها. انتهت هذه المرأة البريئة ضحية، وفوق هذا كله، لا يزال البعثيون وابنائهم واحفادهم ومن مشى في ممشاهم، لا يستحون من ان يظهروا عوراتهم على الفضاء العام، يمدون السنتهم النتنة، ليمدحوا ذلك الزمن الجميل كما يزعمون. زمن الاجرام والخسة والنفاق والقتل والجوع والحرمان والتهجير، زمن اقبية التغييب، واروقة التعذيب، زمن الاغتيال والاغتصاب، زمن الفجيعة التي طرقت باب كل عراقي بريء رفض ان يداهن تلك الزمرة الآفاكة. هو البعثيون ومن يمشي خلفهم مشي الدواب السائبة، ويردد مقولاتهم الكاذبة، يستغلون فضاء حرية التعبير اليوم ليحاولوا الاجهاز عليها من الداخل، نعم يستخدمون الديمقراطية ليضربوها من عمقها، ويعيدوا الناس الى قمقم الخوف والقمع والشدة. زمننا هذا على علاته، سيظل افضل الازمنة العراقية الحديثة، سنظل ننتقد رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية او اي سلطة علناً في الشوارع، ونعود لمنازلنا واطفالنا دون ان يطاردنا هاجس زائر الليل القميء، سنظل نرى من يشتم بكل قوة اعلى السلطات وارفع المسؤولين على الشاشة دون ان يخشى القمع او التغييب او الإغتيال، فهل عرفتم اي زمن يريد هولاء ان يعيدونا له، واي زمن ندافع عنه، ونسعى لتصحيح مساراته الخاطئة بكل ما اوتينا من قوة واصرار وتحمل، فحرية الشعب العراقي امانة في اعناقنا يجب ان تصان وتصل لاجيال لاحقة نتمنى ان لا ترى الظلم والعسف مرةً اخرى على يد دكتاتورية طائفية كما مرت علينا نحن اجيال الضياع والهروب والحروب.
*
اضافة التعليق