الانفجار العظيم .. !!

بغداد- العراق اليوم:

بقلم أياد السماوي

قد يتبادر إلى ذهن القارئ من خلال عنوان المقال أنّ السماوي بصدد الكتابة عن الانفجار العظيم الذي ادّى إلى نشأة هذا الكون , والحقيقة أنّ الأمر ليس كذلك , فالانفجار العظيم الذي ادّى إلى نشأة هذا الكون المترامي الأطراف قد تحدّث عنه الكثير من علماء الفيزياء , منهم ( ألبرت أنشتاين و إدوين هابل , ألكسندر فريدمان ) ووضعوا نظرياتهم حول هذا الانفجار .. لكنّ الانفجار العظيم الذي يتحدث عنه السماوي اليوم ليس انفجارا فيزياويا , بل هو الانفجار المتوّقع حدوثه بين لحظة وأخرى في محافظة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب حصرا , أي في جغرافيا التشيّع في العراق , ولن يمتدّ هذا الانفجار إلى محافظات الغرب والشمال العراقي , حيث ستكون هذه المحافظات ( أربيل ودهوك والسليمانية وكركوك والموصل وصلاح الدين والأنبار ) بعيدة عن الحريق الهائل والمدّمر الذي سيحرق مدن التشيّع في العراق ويحوّلها إلى صعيد زلق ..

وربّما يعتقد البعض أنّ هذه النظرة التشاؤمية بعيدة ومبالغ بها , فما حدث في تشرين 2019 في بغداد ومحافظات الفرات الأوسط والجنوب لن يتكرّر مرّة أخرى لأنّ أصحاب الحلّ والعقد قد تداركوا أسباب ومسببات ( ثورة , انتفاضة , مؤامرة تشرين ) ووضعوا الحلول الجذرية للمطالبات الشعبية المتمّثلة بإزالة الفقر والجوع والتخلّف والفساد والنهب المنظّم للمال العام والانحطاط الأخلاقي للمجتمع وتحسين المستوى المعاشي ومستوى الخدمات كالكهرباء والصحّة والأمن والخدمات العامة الأخرى .. ولعلّ الذي أخمد بركان الغضب الشعبي هو الدعوة للانتخابات المبكرّة وتشكيل حكومة جديدة تقوم بالتصدّي للفساد والنهب المنظّم للمال وإزالة الفقر والجوع وتحسين الخدمات وتوفير الأمن , لكنّ شيئا لم يحصل من هذا قط , فلا الأمن تحقق ولا الخدمات تحسّنت ولا مستوى المعيشة أرتفع ولا الفساد تراجع , بل على العكس فأنّ الأمن قد ازداد سوءا وتراجعا والفساد في مؤسسات الدولة قد تضاعف أضعافا مضاعفة والخدمات قد تراجعت والمستوى المعاشي للناس قد انخفض والتضّخم قد ارتفع بشكل كبير بسبب زيادة سعر صرف الدولار , والانحطاط الأخلاقي قد وصل إلى مستويات خطيرة تهدد النسيج الاجتماعي العراقي , حتى باتت ظاهرة المثليّة أمرا شائعا في مجتمعنا ..

وقد يظن البعض أنّ انسحاب الكتلة الصدرية من العملية السياسية وتقديم نوابهم استقالاتهم من شأنه أن يفتح الطريق أمام قوى الإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة حسب أهواء ورغبات قوى الإطار انطلاقا من المثل الشعبي ( ظل البيت لمطيرة وطارت بيه فرد طيرة ) .. لكنّ المتابع للأحداث بتجرّد , يرى بأم عينيه فوهة البركان المجتمعي الذي سينفجر بأيّ لحظة ما لم يتدارك الإطاريون نار وحمم هذا البركان الذي بات يهدد بثورته .. ولا سبيل لتدارك هذا الانفجار العظيم إلا بتشكيل حكومة نزيهة وقوية ومخلصة لهذا الوطن ولهذا الشعب , تعيد للشعب ثقته بالنظام السياسي القائم , حكومة مختلفة عن كلّ الحكومات السابقة تتكوّن من وجوه جديدة غير الوجوه الكالحة التي اعتلت المشهد السياسي في البلد منذ سقوط النظام الديكتاتوري وحتى هذه اللحظة , فبغير هذه الحكومة فليتهيأ أخوتي قادة الإطار للمصير الذي لقيه نوري السعيد وعبد الإله صبيحة الرابع عشر من تموز عام 1958 .. أسأل الله العلي القدير أن يجنّب بلدنا وشعبنا هذا الانفجار العظيم وهذه الفوضى التي باتت على الأبواب .. اللهم أنّي قد بلّغت .. اللهم فاشهد ..

 

علق هنا