بغداد- العراق اليوم: فالح حسون الدراجي افتتاحية جريدة الحقيقة لم يكن في بالي أن أكتب مقالة افتتاحية لعدد هذا اليوم، فأنا في رحلة الى المغرب، وهناك لا تحتاج منك إلا أن ترمي كل شيء جانباً، وتستمتع بدفء الطقس، وجمال الطبيعة، وروعة الناس، وطيبتهم، وبساطتهم، فضلاً عن الجمال ( الآخر) الذي لن يستطيع شخص مثلي تجاوزه! وبناءً على كل هذه (المعطيات) السحرية، أجبرت على ركل السياسة وكتلتها الكبرى والصغرى، ونسيان وتجاوز كل ما يتعلق بها من اضطرابات ومشاكل، ولا استثني بذلك ثلثيها الشغالين، أو ثلثها المعطل! نعم، فقد قررت أن أتفرغ ( للمغرب) وحدها.. فالمغرب وجمال طبيعة المغرب وفتنة نسوان المغرب، تجبرك على نسيان كل شيء ..كل شيء! لكني (والبيّه ما يخليني) لم التزم بقراري، وتعهدي لنفسي، فذهبت أبحث في أزبال السياسة، وهل هناك أوسخ من السياسة ومحيطها، حتى عثرت بين أكوام القمامة السياسية، على موضوع جذبني اليه لمعانه وسطوعه، فكانت كلماته مثل قناديل مضيئة، جرتني جراً الى قراءتها.. نعم، فقد فعلت بي كلمات هذا الموضوع - بعد أن قرأتها - ما يفعل السحر في المؤمن به، حتى شعرت بأنها درس عظيم لي، قد لا تقدمه اعظم جامعات العالم بدءاً من السوربون وجامعة هارفارد وليس انتهاء بجامعة الإمام الصادق ! ولأني آمنت بمعنى هذا الدرس وجدواه، وجدت من المفيد، بل والأخلاقي، أن أضعه في افتتاحية الجريدة عسى أن يستفيد منه المتصارعون على الكيكة هذه الأيام - هم رحت على السياسة -! ويتعلموا مثلي، من القنافذ هذا الدرس .. اليكم هذا الموضوع، الذي لا أعرف للأسف الشديد كاتبه المعلم .. درس القنافذ لا يُمكن للقنافذ أن تقترب من بعضها البعض .. فالأشواك التي تُحيط بها تكون حصناً منيعاً لها ، ليس عن أعدائها فقط بل حتى عن أبناء جلدتها .. فإذا أطلّ الشتاء برياحه المتواصلة و برودته القارسة اضطرت القنافذ للاقتراب والالتصاق ببعضها طلباً للدفء، ومتحملة ألم الوخزات و حدّة الأشواك .. وإذا شعرت بالدفء ابتعدت .. حتى تشعر بالبرد فتقترب مرة أخرى وهكذا تقضي ليلها بين اقتراب و ابتعاد .. الاقتراب الدائم قد يكلفها الكثير من الجروح .. والابتعاد الدائم قد يُفقدها حياتها .. كذلك هي حالتُنا في علاقاتنا البشرية .. لا يخلو الواحد منا من أشواك تُحيط به وبغيره ولكن لن يحصل على الدفء مالم يحتمل وخزات الشوك والألم .. لذا .. من ابتغى صديقاً بلا عيب عاش وحيداً ..ومن ابتغى زوجةً بلا نقص عاش أعزبَ .. ومن ابتغى أخاً بدون مشاكل، عاش باحثاً .. ومن ابتغى قريباً كاملاً، عاش قاطعاً لرحمه .. فلنتحمل وخزات الآخرين حتى نعيد التوازن إلى حياتنا .. إذا أردت أن تعيش سعيداً .. فلا تفسر كل شيء ، ولا تدقق بكل شيء ، ولا تحلل كل شيء ، فإن الذين حللوا الألماس وجدوه فحما .. لا تحرص على اكتشاف الآخرين أكثر من اللازم ، الأفضل أن تكتفي بالخير الذي يظهرونه في وجهك دائماً ، و اترك الخفايا لرب العباد .. ( لو اطّلَعَ الناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا إلا بالسيوف ) .. مهداةً من قلب يتمنى لكم راحة النفس …
*
اضافة التعليق