الكاظمي يطفئ حرائق أربيل

بغداد- العراق اليوم:

لم تمضِ سوى ساعات قليلة، حتى حطت طائرة رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، في أربيل عاصمة أقليم كردستان العراق، الذي يتمتع بنظام حكم فيدرالي، بعد تعرض ( اربيل) لهجوم صاروخي ايراني، طال مواقع قالت إيران أنها " قواعد اسرائيلية"، فيما نفت حكومة الأقليم ذلك نفياً قاطعاً، مؤكدةً أن القصف طال مواقع مدنية.

اثر هذا القصف المفاجئ، كانت المنطقة تتحرك امواجها، فعلى الفور، الغيت جولة الحوار الخامسة بين ايران والسعودية، وأبلغُت ايران ايضاً بمواقف سلبية من مفاوضات فينا المتعلقة بملفها النووي، كما أن إدانات واستنكارات دولية عالية المستوى لاحقت الجانب الإيراني على هذا التعدي والتهديد لسلامة وسيادة الأراضي العراقية.

هذه المواقف الدراماتيكية وضعت الجانب الايراني في زاوية حرجة، ولا تزال الدوائر السياسية والإعلامية الإيرانية تحاول ايجاد تبريرات مقنعة، أو صناعة روايات مدعمة ببعض الأدلة، لكنها لم تفلح، طبعاً هذه المواقف لم تأتِ من فراغ، بل أنها جاءت بعد سلسلة من المواقف الرسمية الواضحة التي اتخذتها بغداد ازاء القصف الصاروخي، وبنت الدولة العراقية مواقفها بشكل واضح بعد أن اصدرت الحكومة بياناً دعت خلاله الى احترام السيادة العراقية، وعدم المساس  بها، والذهاب الى خيارات احادية في معالجة اشكاليات معينة، وضرورة التنسيق المشترك مع الجانب العراقي.

هذا الموقف المسؤول وغير المتشنج من الجانب العراقي، كان له عظيم الأثر ايضاً في احتواء الغضب المتفجر، وايضاً قلص فجوة الاختلاف الداخلي الى اشدها، أذ لم تبق أي جهة سياسية عراقية، لم تذهب بأتجاه الدعوة الى احترام السيادة الوطنية، وضرورة عدم الذهاب الى خيارات تضر بمكانة وسمعة العراق وكينونة دولته المستقلة.

مضافاً الى كل هذا، لم يذهب الكاظمي، المعروف بحنكته وحكمته السياسية الى" قطع شعرة معاوية" مع الجانب الايراني كما يقال، ولم يذهب بأتجاه محاصرتها دولياً او التصعيد ضدها، وهي المحشورة في زاوية العقوبات الأقتصادية، وتعثر مفاوضاتها النووية، ومشاكلها في سوريا ولبنان واليمن وغيرها من دول الأقليم، ولربما قد يؤدي تصرف غير مدروس ببعض الأجنحة الإيرانية المتشددة الى الذهاب بأتجاه خيارات تصعيدية تذهب بالمنطقة كلها الى ما لايحمد عقباه.

وصل الكاظمي شخصياً الى أربيل، وهنا نقرأ الذهاب الى هناك من زاويتين، الأولى المتابعة شخصياً مع القيادة الكردية، وأستلام الملف بشكل مباشر، دون تركه للقيادات المحلية التي قد تذهب الى خيارات تضر بمصالح العراق ككل، ومصالحها هي ايضاً، وقد يدفعها الغضب الى اتخاذ مواقف يصعب التراجع عنها، ولذلك بادر الكاظمي لتحويل الملف الى اتحادي، واخذ بالتعامل معه على أساس كونه ملفاً عراقياً، يدار من دوائر راسم السياسات العراقية، وهو رئيس الحكومة بطبيعة الحال.

كما أن الكاظمي ابرق من خلال الزيارة، رسالة الى الجانب الايراني، حول " مزاعمه" بوجود مقار عسكرية او استخبارية اسرائيلية، وشكل لجنة تحقيقية عليا برئاسة مستشار الأمن القومي العراقي، السيد قاسم الأعرجي، وهذا الرجل معروف بكفائته وقدرته على قول الحقيقة، وعدم الخضوع لأي مؤثر، وبالتالي هي رسالة طمأنة الى الإيرانيين، بأن العراق لا يسمح مطلقاً أن تتحول أي بقعة أو منطقة من اراضيه الى مصدر تهديد وأزعاج لدول الجوار، كما أنه يرفض رفضاً قاطعاً اتخاذ اي دولة خيارات منفردة، والذهاب الى معالجة "صلبة" دون اعتبار للجانب السيادي الوطني.

أن الزيارة اطفأت نيران كثيرة، وأحتوت موقف كاد ان يعصف بالمنطقة برمتها، وأيضاً أكدت سيادة الحكومة العراقية على كل شبر من الأراضي العراقية، وأوصلت الرسائل المتعددة، وأبرزها ان  العراق قادر على أن يدافع عن أرضيه، ومصمم على منع تحويلها الى ساحة صراع بأي شكل من الأشكال سواء من الجانب الايراني أو التركي أو من غيرهما.

 

 

علق هنا