بغداد- العراق اليوم: فالح حسون الدراجي افتتاحية جريدة الحقيقة مرة، سألني أحد (الزملاء) الصحفيين قائلاً: - هل يسهم الحزب الشيوعي العراقي في تمويل جريدتكم ( الحقيقة)؟ فضحكت، وقلت له: - لماذا يمولنا ؟ فقال، وهو يحاول استفزازي والتحدث بطريقة وقحة، بعيدة عن قيم الزمالة واللياقة أيضاً: - لأنكم ( تروجون ) للنهج والخط الشيوعي، حتى صرتم وكأنكم تنافسون (طريق الشعب) في شيوعيتها ؟! فضحكت مرة أخرى، وقلت: لعلك لا تعلم، أنك بهذا الإتهام، تمتدح عملنا ولا تذمه، فالمنهج أو النهج أو الخط الشيوعي الذي أسميته، هو لعمري أسمى منهج عرفناه، وأشرف خط رأيناه، فهو نهج الكادحين وخط النزهاء الذين لم تتلوث أياديهم بالمال الحرام، ولم تتلوث أفكارهم بأدران السلطة. واكملت هجومي دون أن أترك له فرصة واحدة للتطاول والملاسنة، وقلت له: - أعجبتني من حديثك كلمة ( تروجون) رغم أنها معاكسة للمعنى الذي تريده في كلامك.. فنحن أولاً لا نروج لمنهج الحزب الشيوعي، إنما نبشر به، لأن الترويج بمعناه التعريفي: ( هو ما تقوم به الشركات والمؤسسات في سبيل إيصال قيمة المنتجات والخدمات للزبائن وإقناعهم وحثهم على الشراء. ويشمل الترويج الاهتمام بالزبون، والعلاقات العامة، والمبيعات وصورة الشركة والإعلانات)..! هذا أولاً، أما ثانياً، فأنت تعرف ويعرف الجميع، أن الحزب الشيوعي لا يملك مالاً يمول جريدتنا به، والسبب بسيط: فالحزب الشيوعي لا يسرق ولا (يخمط) مثل الآخرين، فمن أين يأتيه المال؟! انتهى حديثي مع الزميل الصحفي عند ذلك الحد، لكن كلمة (تروجون) طبعت في ذاكرتي كالوشم، ولم أنسها رغم مرور أشهر على اطلاقها نحونا من (مدفع) ذلك الزميل الوقح ! واليوم، حيث اضطررت لاستخدامها، أو بالأحرى استخدام معناها، وتحويل اتهام (الزميل) الى حقيقة وفعل واقع.. فقد قررت أن أروج فعلاً للحزب الشيوعي العراقي، وأعرض (منتوجه) الأخلاقي المميز، ليس في صفحات الإعلان بجريدتنا فحسب ، إنما في الصفحة الأولى منها أيضاً، بل وفي افتتاحية رئيس التحرير، فهذا الاعلان يمثل شرفاً وفخراً لنا ولكل من يريد أن (يروّج) له، لذلك منحته المكان الذي يليق بمضمونه السامي.. وإليكم نص الإعلان: (أطلق الحزب الشيوعي العراقي صباح يوم السبت 5 آذار 2022،حملة وطنية للتبرع ببناء مقره الجديد، وقد جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده في قاعة "بيتنا الثقافي" في ساحة الأندلس وسط بغداد. وجاء في بيان الحملة الذي قرأه القيادي في الحزب مفيد الجزائري، خلال المؤتمر الصحفي، أنه "ساهموا وإيانا في المسعى الوطني لبناء مقر يكون بيتاً للناس، بيتاً للعراقيين ولأنشطتهم الفكرية والسياسية والثقافية"، مبينا أنه "بدعمكم سنقيمه في النهاية.. مقراً يحتضن كل الأوفياء للشعب والوطن ولقضاياهما، ومجلساً للقوى والشخصيات الوطنية المدنية واليسارية والثقافية، ومنطلقاً لمواصلة العمل المثابر والمتفاني من أجل التغيير الشامل.. للخلاص من منظومة المحاصصة والطائفية السياسية والفساد، وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية". ياسلام ياسلام يا أبا نيسان! أي روعة، وأي بهاء وجمال هذا .. وكيف لا ننشر إعلاناً مثل هذا الإعلان، وهو الذي حمل كل هذا السمو والزهد والنزاهة والصدق والأمل بغد زاهر وسعيد. نعم، سأنشر الإعلان وأنا متشرف بنشره، وفخور بالمساهمة في اطلاقه، بل وسأكون أول المتبرعين .. فالشيوعيون يجمعون التبرعات من اعضائهم وجمهورهم ومحبيهم، (ومن مروّجي منهجهم) لبناء بيت لهم، بيت تغسل أرضه شمس الحرية كل صباح، وتضيء غرفه مصابيح الثقافة وقناديل المعرفة، وتعطر أجواءه ورود الفن والشعر والحوار .. بيت للناس، للفقراء، للشعراء، للنزهاء، للفتيان الحالمين بغد مشرق خالٍ من الكراهية والدم والخوف والحروب، بيت للصبايا المزدحمات ببهاء الشرف والعزة والثقة.. يريده الشيوعيون بيتاً لأبناء الشهداء، وعوائل المضحين، وآباء الذين ضاعت أسماؤهم في مقابر الطغاة الجماعية دون أن تضيع من ضمائر العراقيين النجباء .. نعم، فهذا ما يريده الشيوعيون، وما يجمعون لأجله التبرعات، وما توفر لديهم، ولأصدقائهم، بل إن بعض الشيوعيين جاء بتبرعات اطفاله التي جمعت من مصروفهم اليومي!.. وأظن، أن بيتاً كهذا البيت الجميل، وقيماً كهذه القيم التي يحرص الشيوعيون على بثها، ورسائل اخلاقية كهذه الرسائل التي يبعثها لنا الشيوعيون عبر هذه الحملة، لهو يستحق أن (يروّج) له جميع الشرفاء في العراق، وأن يساهم بدعمه كل الذين يعتقدون أن في النفق المظلم شمعة كبيرة، ترشدنا الى بر الخلاص من عتمة النفق الطويل.. وأخيراً، ربما سيسألني أحدكم: لماذا يرهق الشيوعيون أنفسهم، ويجمعون التبرعات من أجل بناء بيت صغير، مقراً لهم، بينما أبواب العقارات في الجادرية وغير الجادرية مشرعة أمام السياسيين، حيث يستطيعون الإستيلاء على أي واحد منها بسهولة، مثل بقية الاحزاب، وقيادات (الخراب) ؟! وجوابي : لأن الحزب الشيوعي، حزب شريف، طاهر، يحمل رسالة وقيماً واخلاقاً.. أما ( اولئك) فممكن أن يحملوا أية صفة، إلّا الشرف.. ففاقد الشيء لا يعطيه حتماً! إذاً، تعالوا، (نروّج ) للحزب الشيوعي ومنهجه وحملة التبرعات لمقره.. والعراق لا يضيع أجر المحسنين..
*
اضافة التعليق