بغداد- العراق اليوم: امير علي الحسون قبل ايام قلائل كان لي لقاء عميق الدلالات والابعاد بعدد من القضاة العراقيين المخلصين والمتخصصين بجرائم الارهاب والجنايات وكانت كلمات العتب تتوجه لي كأعلامي بجملة نطقوها بصدق وامانة وبروح وطنية: ( اين انتم يا اصوات السلطة الرابعة من الاصلاح الفكري ؟ ) نعم هو اهم سؤال ينتظر اجابات شافية من قبل الاعلاميين والمثقفين البارزين في المجتمع .. نعم اين نحن من الانهيار المخيف للقيم والاعراف والذي يتصاعد بشكل مرعب دون ان تواجهها مصدات توقف زحف هذا الانهيار ؟ حديث القضاة الشجعان كان صريحاً وجملهم رشيقة وتوصيفهم كان دقيقاً مفاده ان الخلل في المنظومة الفكرية جعل المجتمع يتجه صوب التطرف القومي والقبلي والمناطقي يرافقه في ذلك الغلو في التعصب الديني والمذهبي تغذيه في ذلك مؤسسات اعلامية محلية وعربية محترفة وممولة من جهات تمتلك مشروع انهاء الدولة العراقية بكل متبنياته الوطنية والفكرية والوحدوية، كل ذلك خدرث الاف الجرائم الارهاب والقتل والاغتصاب وتعاطي المخدرات اضافة للانفكاك الاسري والفساد الوظيفي ولمالي سواء في المؤسسات العامة او الخاصة . نعم هذا ماقاله القضاة الذين شخصوا السبب الرئيس في أنهيار المنظومة الفكرية والاخلاقية والوطنية ،الذي نادى به الكثيرون ولطالما ناديت في برامجي التلفزيونية ومقالاتي الصحفية مع رجالات الدولة لاسيما القادة الذين التقيتهم برفقة زملائي في "تجمع اعلاميو المواطنة والتعايش السلمي" وطرحنا عليهم مشروع المواطنة واصلاح الفكر المجتمعي العاجل والفوري قبل سنوات وطبعا كلهم عبروا عن تعاطفهم ورغبتهم في هذا المشروع ولكنهم في الواقع كانوا متخوفين من اي اصلاح فكري لانهم يخشون من هذا الاصلاح والنضوج الذي سيجعل المقاطعين للانتخابات وهم قرابة 80% من الشعب يذهبون للمشاركة بينما يغادر اغلب من انخدع بشعارات التطرف ويتوجه نحو في الاختيار الصحيح ويبقى الباقي المستفيد يدور في فلكهم. اقولها بكل حسرة .. الجميع تملص من مشروع تعزيز المواطنة الا ذلك الموقف العظيم الذي تجسد بقوة في زيارتنا لممثل سماحة السيد السيستاني الشيخ الكربلائي عام ٢٠١٨ والذي ابتهج بالمشروع بعد ان اطلع عليه بكل خطواته وقال بالحرف الواحد ( هذا اهم ماترغب المرجعية في تحقيقه للمجتمع ) . لقد بالغ السياسيون بالالحاح على التعسكر القوميي والديني والمذهبي والابتعاد عن الحس الوطني تحت عنوان ( حقوق المكون! ) ونسوا ان عنوان (العراق) بينما يصرُّ الشعب والعقلاء في بلدنا على انقاذ الوطن من هذا التخندق الذي تعتاش عليه بعض الكتل الفاشلة والطامحة في تقسيم العراق والتطبيع من اسرائيل . المواطن يستمع ويشاهد يومياً قنوات ومواقع تطبل لخطاب التفرقة وربما بعضهم يمهد لاقلمة المناطق من اجل الحصول على الزعامة وللاسف الشديد صار بعض الاعلام المهلهل والمحترف بقنواته ورموزه في الظهور الاعلامي اكثر تطرفاً من المشهد السياسي الذي عجز ان يرضي بمخرجاته ابناء الوطن الجريح .. ببنما نلاحظ ان الدول العربية والمنطقة صارت تتوجه وبقوة نحو الازدهار الااقتصاد والسياسي والاجتماعي .. شتان ما بين ما نصبو اليه من صناعة شعب واع مدرك لخطورة الانحدار القيمي الحاصل وبين ما يصبو اليه قادة التطرف السياسي والفكري الراغبون الى صناعة مجتمع خاص بهم لترسيخ الدولة العميقة حتى لو كان على حساب القيم وعلى حساب الاصلاح الفكري الذي طالبت بها المرجعية الشريفة التي بحت صوتها ليتلقاها حناجر المصلحون من ابناء الشعب ويفقدها الانتهازيون ننتضر من الكتل المتصارعة اختيار قادة وطنيون مخلصون تكون اولى خطواتهم هو الاصلاح والوعي الفكري والوطني لانه مشروع دولة ومجتمع بكل مكوناته لاسيما النخب الاعلامية والثقافية والفكرية .
*
اضافة التعليق