بغداد- العراق اليوم: هادي جلو مرعي وأظنه العام 2007 وكنت منسقا لمؤتمر كان غالب الضيوف فيه من شيوخ العشائر ووجهاء، وكانوا يرتدون الزي العربي التقليدي، وكان الراحل طارق حرب يظهر على التلفاز، ويتحدث في القانون والسياسة والتراث وأشياء أخرى، وعندما تلوت إسمه، ودعوته الى المنصة كان بعض الشيوخ ينادون عليه (العراق بشاربك إستاذ طارق)،وإبتسمت فقد كنت شبه غر، وقلت في سري (الرجل حالق شواربه) وكنا نظهر في برامج تعالج قضايا شتى على القناة العراقية الرسمية (رحمها الله) ومرة ناقشنا قضية (تبادل الزوجات) على قناة الديار الفضائية طيبة الذكر، ووجود شارع في بغداد يسمونه (العرض واحد) وكنت مبتهجا إنني إكتشفت ذلك، غير إنه وبصوت واثق أكد إن (العرض واحد) منذ ثمانينيات القرن الماضي، وأشار الى مقهى جهة شارع أبي نؤاس وقد إندثر، ومرة وكنت وصديقي زياد العجيلي في مكتبنا بمرصد الحريات الصحفية بعمارة فخر الدين جوار ساحة الفردوس، وقد إستاجر طارق حرب مكتبا جوار مكتبنا، وكان ملحقا به، وقد أهديناه بعض الأثاث في حينه، وكان هناك باب حديدي، وكان مفتاحه معي، وكنت في منزلي في آخر الدنيا حين إتصل بي عبد الرحمن مسؤول البناية، وقال : يمعود وينك أبو شيماء طارق حرب لكه الباب مقفول، وكلت له المفتاح عند إستاذ هادي ونزل بالشارع يصيح هادي عميل أمريكي، وكان يضحك، وضحكت، وقلت، عادي يمعود، ثم ولاحقا إعتذر رحمه الله ضاحكا، وكنت ألتقي به في أماكن عدة وتجمعات وندوات صحفية وثقافية، وسواها من فعاليات، وكنا نزمع الذهاب الى النجف بدعوة من الزميل ضياء هاشم الغريفي ولم نذهب، ولن نذهب… كان طارق حرب محاميا شاطرا، وله جملة مواقف سياسية وتحليلات، ويهتم بقضايا التراث، ويتحمس كثيرا لها، ويتواصل مع فئات إجتماعية عدة، وكان متفائلاً وقويا، ولم يستسلم للضغوط اليومية، وكان يحتفظ بطاقة إيجابية عالية مكنته من مواصلة حياته بالرغم من تعرضه لبعض التهديدات التي دفعته للإقامة في جورجيا لسنتين، أو أقل، او اكثر، ثم عاد متحمسا الى بغداد التي تجتذب أهلها حتى وإن أصروا على البقاء في الخارج، وسألوني:كيف مات طارق حرب، وقلت: ببساطة جاءه ملك الموت، وقال له: تفضل معي الى السماء كبقية البشر، وحتى وإن لم يمرض، ولم يرقد في المشفى، وإن لم يداهمه مرض عضال فقد آن أوان الرحيل، وهو الموت الذي لابد منه. مؤلم حين يتحول الموت الى خبر عابر، ولاتعود من قيمة للأشياء. أحدهم ينشر صورة تجمعه بالميت، وآخر يكتب معزيا، ثم ننشغل بخبر آخر، وهكذا حتى نرحل جميعا بلا أهمية. ونترك كل شيء. اللهم إرحمنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. كان طارق حرب يكرر عبارة لمقدم البرنامج (ياسيدي الفاضل) وهو اليوم يرحل، ونقول له: وداعا ياسيدي الفاضل.
*
اضافة التعليق