بغداد- العراق اليوم: فالح حسون الدراجي افتتاحية جريدة الحقيقة
بعد كل جريمة يرتكبها الإرهابيون، يحضر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ساحة الحدث الإجرامي، سواءً أكان الحضور شخصياً، أو رمزياً عبر كلمة يلقيها، او بياناً يصدره، أو تغريدة ينشرها في الـ (تويتر)، وأحياناً يزور عوائل ضحايا ذلك الحادث، أو يستقبلهم في مكتبه الحكومي.. وفي كل المشاهد التي تعقب تلك الجرائم الارهابية، كان الكاظمي يطلق وعداً بالقصاص من القتلة! حتى بات العراقيون يحفظون عن ظهر قلب، مفردات وعيده وتهديده.. وهنا أود أن أعلق حول هذه النقطة.. فالرجل كما يتضح مشحون بالسلوكية الشرقية المنفعلة، ومتأثر تماماً بمزايا الخصوصية العراقية، التي تنفجر وتتشظى على نفسها حين تجد دماً بريئاً يراق دون ان تتمكن من منع إراقة هذه الدماء ساعة الحدث، فضلاً عن أن هذه الخصوصية (العراقية) تختزن الكثير من الغضب والألم، حين يكون الغضب سيد المشهد، وهذا الكلام قاله العالم الاجتماعي الكبير الدكتور علي الوردي. وهنا ستتجلى الغيرة العراقية، والضمير الفردي، خصوصاً حين يملكهما مسؤول في الدولة، مسؤول يشعر ويتحسس بثقل الدماء التي أريقت، فيشعر بأنه مسؤول شخصياً عن هذه الجريمة، رغم أنها وقعت خارج إرادته. وفي هذه الحالة، لا يمكن لضميره أن يستريح، ولا لخاطره ان يطيب ويهدأ، سوى بالتوعد والتهديد بالقصاص من القتلة. فيطلق الكاظمي - الموجوع من الخيبة وإثم الجريمة، وثقل الخسارة - وعداً بالثأر والقصاص.. ومع تكرار الاختراقات الأمنية، وتكرار سقوط الضحايا بسببها، تتراكم حتماً الاوجاع والآلام عند الكاظمي، ويزداد عدد التهديدات للمجرمين، مما أثار انتباه الناس، حتى راح بعضهم يحصي عليه تهديداته! وكي اكون منصفاً، أود أن أسأل الجميع: هل يطلق الكاظمي تهديداته بالثأر والقصاص من القتلة دون أن يتناغم ويتفق معه الملايين من العراقيين الحزانى والموجوعين، والمجروحين، من هول الجرائم وقسوة المناظر والمشاهد الدموية، التي تحاصرهم صورها في شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي بعد كل جريمة، فيتحول وعد الكاظمي من ( الشخصي) الى العام، ويصبح الثأر الذي يطلقه لسان الكاظمي، ثأراً شعبياً عراقياً معجوناً بخلايا ومشاعر الناس؟ الجواب: إن الوعيد الذي يطلقه الكاظمي، وعيد مكنون في صدور الناس، ولا أجد في اطلاقه علناً أية غضاضة، حتى لو تكرر ألف مرة، خاصة وأن أغلب الوعود الثأرية التي أطلقها الرجل انتقاماً لدماء الشهداء، قد أوفى بها، ونجح في تحقيقها، وقد كان آخر وعوده بالقصاص من القتلة عند حافات الدم في حاوي العظيم، حين اغتال الداعشيون 11 جندياً عراقياً في الخالص، ولما أطلق الكاظمي وعداً بالقصاص، فإنه لم يتأخر عن تنفيذه سوى اربعة أيام كانت بمثابة الإعداد لساعة الثأر، حتى جاء الحق، وزلزل الأشاوس ارض العظيم تحت أقدام الارهابيين، فكان الحق والقصاص عظيماً ودقيقاً وكاملاً.. إذاً، فالكاظمي كان يتوعد المجرمين بكلمات يقرؤها على صفحات قلوب العراقيين، وفي عيون اليتامى من أبناء الشهداء، وليس في ورق حكومي او شخصي.. وهذا هو سر نجاح الرجل في تحقيق وعوده وتهديداته.
*
اضافة التعليق