بغداد- العراق اليوم: فالح حسون الدراجي افتتاحية جريدة الحقيقة ما حدث في الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي في دورته الخامسة، لا يدعو نوابنا وسياسيينا إلا للخجل، والعار أيضاً .. لا أريد أن (أشرح) ما حدث، ولا أعلق على ما جرى، فقد كانت فضيحتنا بجلاجل أمام العالم، والفضيحة لا تخص النواب الشيعة فحسب، إنما كل النواب الحاضرين بلا استثناء، وكما يقال كلهم (شلع قلع) .. ! لقد كانت الجلسة عبارة عن عرض سيرك رديء وفاشل، لم يوفق فيه اللاعبون والمخرج وكذلك المدرب، بل وحتى الجمهور الذي حضر السيرك، وساهم في تسميم أجوائه! وطبعاً فإني لن أتحدث عن هذه الجلسة المخجلة، ولم أكن أنوي المرور أًًو الكتابة عنها، خاصة وأن العراقيين وغير العراقيين قد شاهدوا المهزلة بالألوان، رغم سوداوية المشهد، لكن الذي استفزني ودفعني للكتابة، أمران: أحدهما تصريح لنائب ومسؤول بارز في كتلته - وأحد أعضاء سيرك الجلسة الاولى- تحدث فيه خمس دقائق لإحدى القنوات الفضائية لكنه تجرأ على ذكر الوطن والوطنية تسع مرات ! في حين أن هذا الرجل - وأنا واثق - لا يعرف ماذا يعني الوطن، وماذ تعني الوطنية،- مما اوجعني، بل وذبحني بلا سكين .. أما الأمر الثاني، فقد بعث لي أحد الأصدقاء الأجلاء أمس موضوعاً حميمياً فيه قصة شريفة عن الوطن والوطنية الحقيقية، فأثار فيها مشاعري وجعلني أقارن في الحال بين وطنية صاحب القصة ، وصاحبنا (ذي الوطنية المزيفة ) .. وطبعاً فأنا لم أدلُ بدلوي في هذا الموضوع، ولن أعلن نتيجة هذه المقارنة عليكم، فقد تركت الامر لكم، لأن النتيجة عندي معروفة، وواضحة، انما أحببت أن أنقل لكم قصة هذا الوطني الحقيقي لتقارنوا بها مع ذلك النائب ولكم الحكم .. اليكم القصة كما وردتني: ( بعد انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من شبه جزيرة سيناء العام ١٩٨٢ إثر انتهاء المرحلة الانتقالية من معاهدة كامب ديفيد للسلام الموقعة بين مصر واسرائيل العام ١٩٧٨ ، برزت مشكلة، إذ احتفظت قوات الاحتلال الاسرائيلي بمنطقة حدودية صغيرة تدعى (طابا ) حيث ادعت أنها ليست خاضعة للسيادة المصرية انما من ضمن الاراضي الفلسطينية المحتلة.. وطبعاً فإن مصر لم ترض و تقتنع بالادعاءات الاسرائيلية، فلجأت الحكومة المصرية لمحكمة العدل الدولية في جنيف (سويسرا ) ، وقدم الجانب المصري الوثائق و الخرائط التي تثبت مصرية طابا الا ان محكمة العدل الدولية لم تقتنع بالحجج المصرية وفتحت باب الشهود للاداء بالشهادات... وهنا علم بالامر العقيد ( اسماعيل شيرين ١٩٢٠ - ١٩٩٤ ) أحد أفراد الأسرة الملكية المصرية و قريب الملك فاروق و صهره، إذ كان العقيد اسماعيل شيرين متزوجاً من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، وكان الزوج الثاني للأميرة فوزية بعد انفصالها عن شاه ايران، والذي غادر مصر مع حاشية الملك فاروق بعد ثورة عبد الناصر العام ١٩٥٢، و تمت مصادرة جميع امواله و ممتلكاته و استقر به المقام في جنيف، فتطوع العقيد اسماعيل للشهادة في قضية طابا على الرغم من ان الحكومة المصرية صادرت جميع امواله وممتلكاته في مصر و رحل عنها بحقيبة ثيابه فقط، واستندت شهادته في انه كان قائدا للكتيبة العسكرية المرابطة في طابا، وان لديه أوراقا وخطابات رسمية من قيادة الجيش المصري وقتذاك لكتيبته، وايضا كانت أسرته و زوجته تبعثان له حيث مقر كتيبته العسكرية بالبريد ومع الردود التي كان يبعثها لاسرته و زوجته و فيها اختام و طوابع البريد التي تؤكد وتثبت ذلك، فاقتنعت لجنة الخبراء والقضاة في محكمة العدل الدولية بالادلة والشهادة التي قدمها العقيد اسماعيل شيرين، وحكمت بأحقية مصر وسيادتها على طابا، وانسحبت قوات الاحتلال الاسرائيلي منها العام ١٩٨٨ بعد جهد استمر أكثر من ستة أعوام من المفاوضات الشاقة... إن موقف العقيد اسماعيل شيرين موقف وطني حقيقي، فقد سعى واجتهد وادلى بشهادته التي أسهمت في ارجاع الارض لاصحابها رغم أنه خارج السلطة، بل أن السلطة الجديدة مابعد العام ١٩٥٢ جردته من امواله و ممتلكاته، الا انه اثبت وطنيته..فالرجل يحب وطنه بغض النظر عن السلطة والحكومة وموقفه منها! ختاماً.. أتمنى أن يقرأ النائب الوطني (جداً ) هذا المقال، ويطلع على قصة العقيد المصري !.
*
اضافة التعليق