بغداد- العراق اليوم: برفض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، السبت، 22 تشرين الأول، 2016 عرضا تركيا للمساعدة في معركة استعادة السيطرة على مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش، يكون قد حدّد الموقف العراقي بكل وضوح وهو أن مستقبل الموصل بيد العراقيين، وانّ لا أحد يقرره سواهم.
ومع بدء معركة الموصل التي احتلها داعش في حزيران 2014، تنطلق معركة سياسية إقليمية ومحلية أيضا، في محاولة الاستحواذ على مستقبل المدينة، بين قوى إقليمية مثل تركيا ترى فيها جزءا من الامبراطورية العثمانية و أن المدينة لا تزال في نطاق نفوذها وبين اكراد يسعون الى اقتطاع أجزاء من محافظة نينوى وقوى محلية مثل آل النجيفي يسعون الى جعلها اقطاعية عائلية تحت الحماية التركية.
ووسط هذه الاحتمالات، يطرح موقع "العراق اليوم" مجموعة من وجهات النظر لأكاديميين وخبراء سياسيين، حول رُؤاهم لمستقبل الموصل بعد تحريرها.
فمن وجهة نظر المحلل السياسي محمود الهاشمي، فان على أصحاب القرار ان ينتبهوا الى انه ليس من المهم تحرير المنطقة عسكريا ولكن الاهم تحريرها سياسيا، وان نينوى إسوة بباقي المحافظات التي استعمرها الارهاب، تحتاج الى تحرير سياسي، واذا ما تركت بيد ذات الشخصيات السياسية التي تآمرت على أهلها فسيعود الارهاب لها بأشكال متنوعة.
ويسمّي الهاشمي مجموعة من الخطوات التي يراها مهمة في تحديد مستقبل الموصل، وأبرزها ان الساحة السياسية أفرزت خلال مرحلة احتلال الإرهاب، شخصيات وطنية من الضروري دعمها في الانتخابات المقبلة.
ويدعو الهاشمي الى الاستفادة من النفور المجتمعي للارهاب، وتسخيره نحو مواقف وطنية وقيمية تغيب فيها الطائفية والعرقية.
كما إن على الجهات الأمنية إن لا تغادر المحافظة وتسليمها الى جهات داخلية تحمل ثأرا وغيظا بسبب ما وقع عليها من حيف، لان ذلك سيشكل فواصل واحتدام مجتمعي تضيع فيه قيم السياسة .
ويشير رئيس مركز السياسات الإعلامية، الدكتور مضاد الاسدي الى عدم وجود خطة يمكن تطبيقها لرسم مستقبل الموصل السياسي بعد داعش بسبب تعددية القوى المشاركة في تحرير الموصل من جهة ووجود الدول المسيطرة في المنطقة ( امريكا / ايران / تركيا ) من جهة أخرى، مع ملاحظة السياسات المتذبذبة والمتغيرة لأمريكا واستخدامها الموصل بحملاتها الانتخابية الذي سيضر حتما بمستقبل الموصل السياسي .
وينظر الاكاديمي عصام الصميدعي الى الواقع باعتباره من صنيعة إرادات القوى وتوازن الرغبات، فمثلا الأتراك والصهاينة والسعودية ومسعود البارزاني وال النجيفي يضلون مرتبطين بهيمنة العقلية الوهابية داخل الموصل والمنطقة والتشبث بمبدأ التقسيم واستقطاع أجزاء من الموصل لضمها الى الاقليم الكردي البارزاني اما القوى الوطنية من أكراد وموصليين وحشد فلهم راي آخر والمتمثل بالحفاظ على الوحدة الوطنية وإيقاف مخطط تمزيق الموصل .
ويشير الكاتب والصحافي فرات ابراهيم العكيلي الى مخططات التقسيم الى ثلاث دويلات، لكن العراقيين لا يرغبون في ان ينقسم بلدهم الى مقاطعات وإمارات .
واعتبر العكيلي ان احتلال الموصل، درس يجب تعلّمه في كيفية تشكيل العلاقة بين المركز والمحافظات، وان العراق ما قبل الموصل يختلف عن عراق ما بعد الموصل بالفعل.
ويذكّر العكيلي بان الأكراد استولوا على جميع الأراضي التي كانوا يحلمون بضمها الى اقليم كردستان من خلال تطبيق المادة 140 بل واكثر منها أيضا ليستكملوا بذلك جميع العوامل اللازمة لوجودهم كدولة.
الكاتب والصحافي عبدالجبار البيضاني اعتبر ان الظهور المفاجئ لقوى الحشد الشعبي على سطح الأحداث ونجاحها السريع في قلب الطاولة على رؤوس الدواعش وأعوانهم وتفوقها المبدئي على كافة المسميات التي شاركت داعش وساعدتها في احتلال أرضنا وتهجير شعبنا كان الصدمة المباغتة التي أطاحت بالمخططين والمشغلين والمنفذين لقوى الإرهاب العالمي.
واعتبر البيضاني ان الانتهاء من معركة الموصل وقد تكللت بالنصر المبين سيدخلنا في مرحلة أشد سخونة من سابقاتها لأن أعدائنا التاريخيين لا يستطيعون صبرا وهم يرون العراقيين يمسكون بزمام المبادرة بأيدينا.
ويقول الصحافي والكاتب وجدان عبد العزيز، ان إصرار الحكومة والقوى السياسية بالبرلمان على موقف وطني واحد، يتيح عودة نينوى لأهلها وإرجاع نازحيها.
واعتبر الصحافي علي شاكر السلطاني ان العراقيين اليوم في المخاض اليسير بعد الشروع في عملية تطهير ارض العراق في نينوى بخطة محكمة في ان لا يدعوا هاربا للدواعش من ارض المعركة.
وقال السلطاني ان العقدة الرئيسية في تدمير العراق كانت نينوى التي كان يحسبها الآخرون عصية على أبناء العراق وما دار بخصوصها من صفقات إقليمية وعالمية ربما كانوا يعتقدون انها ذاهبة بالعراق الى ابد الهاوية، متجاهلين بأس الجندي العراقي يضاف اليهم عناد الحشد بعقائديتهم .
ويرى الدكتور فيصل الجاسم ان نتائج معركة تحرير الموصل سيكون لها الأثر الكبير في مستقبل محافظة نينوى السياسي، وهو مستقبل يتأثر بالرؤية السياسية للإدارة الأمريكية والأخذ بنظر الاعتبار ما يريده حلفائهم بالمنطقة إضافة الى العامل الكردي.
الى ذلك فان الكاتب صالح الطائي يشير الى إن التجاذبات السياسية كانت حتى قبل استيلاء داعش على 40% من مساحة العراق واستمرت مع تقلص نفوذ داعش ومن المؤكد أنها ستبقى بل ستزداد ضراوة لأن القضية العراقية ليست بيد العراقيين وحدهم فهناك الكثير من اللاعبين ولكل منهم مشروعه الذي يروم تنفيذه.