بغداد- العراق اليوم:
كامل عبد الرحيم أصدرت (بطراركية الكلدان) ، وفي ظل تعتيم إعلامي مُريب ، أصدرت بياناً استنكرت فيه بشدة تفجير بيت لعائلة مسيحية تسكن مدينة العمارة ، قالت البطراركية بأن (لصاحب الدار محلاً لبيع المشروبات الكحولية وهذا ما يبدو هو السبب لهذا الاعتداء الآثم) ، كما أضافت (أن المتشددين يهاجمون المسيحيين ويتركون تجارة المخدرات ) وانتهت بالقول بمرارة (أن المسؤولين عندما يقولون أن المسيحيين هم أبناء البلد الأصليين لا يعنون ما يقولون وتصريحاتهم كلام فارغ ولن يساعد هذا بالدعوة لعودة المسيحيين ولا وقف هجرتهم الإجبارية) . وقد سمعتُ أن الدار المُعتدى عليه يسمى (بيت صليوة) ، ومساندة ومواساة لهم وتضامناً مع مسيحيي العراق ، أورد هذه القصة . في العام 2011 ، اضطرني شأنٌ ما للتوجه إلى سوريا عن طريق البر ومباشرة إلى مدينة لم أسمع بها قبلاً أو أمر قربها ، هي بلدة (دير عطية) الواقعة على الطريق بين دمشق وحمص على مبعدة 60 كم تقريباً من المحافظتين . من اسم البلدة توقعتها مدينة للمسيحيين ، فلا داعي لأحمل معي مشروبي الثقيل الذي يساعدني على تجاوز الليالي الباردة والكئيبة ، وكنتُ قد سكنتُ سابقاً في حي (جرمانة) في غوطة دمشق ، وكان المشروب يُباع مع زيت الطبخ والعدس وحليب الأطفال ، حتى في أيام رمضان . من مرأب العباسيين للنقل العام توجهت إلى دير عطية ، لم أجد فندقاً في المدينة ، اضطررتُ لاستئجار شقة ، عليّ البقاء لأشهر هنا ، وبعد تحللي من حقائبي وأخذي لحمامي نزلتُ المدينة بحثاً عن محل بيع المشروبات ، عبثاً بحثت واكتشفت أن المدينة اسم على غير مسمى ، فهي بلدة للمتشددين والتعصب الديني والقبلي يخيّم عليها ، كانت الأزمة السياسية في بدايتها والمظاهرات التي سبقت الحرب الأهلية حصلت بعد أسابيع لكن الاحتقان مخيّم وجلي . تهيبتُ السؤال وآثرت اختيار الطريق الآمن وإن كان معقداً ، فكان علي الذهاب بسيارات (السرفيس) إلى دمشق فقط لشراء المشروب ، وتعرفت على دكان لرجل طيب كريم في ساحة العباسيين ، وكانت العودة صعبة فعلى كل الركاب في النقل العام تسجيل أسمائهم وإبراز هوياتهم للسائق الذي يُعدُّ محضراً يسلمه حال خروجه من المرأب ، بالنسبة للعراقيين عليهم الذهاب إلى المفرزة الأمنية خارج المرأب لإبراز الجواز وذكر سبب الزيارة وأخذ موافقة أمنية ، وهذا التدبير متّبع قبل الأحداث فسوريا بلد بقبضة أمنية ، لكل هذا وحذراً ، لم أكن أتسوق أكثر من عبوة صغيرة من المشروب بنصف لتر أخفيها بين أغراضي ، كان المشوار متعباً لكن لابد منه ، تكرّر الحال هكذا فأصبحتُ مألوفاً لصاحب دكان المشروبات الكريم وفي يوم سألني أين أسكن فبحتُ له بمشكلتي وأين أسكن ، قال الرجل الكريم ، أنت زبون مثالي ويعزُّ عليّ خسارتك لكن شرف المهنة يُجبرني أن أقول لك بأن محلاً لبيع المشروبات موجودٌ في دير عطية لكنه لا يعرف أين بالضبط ، عدتُ للمدينة ومشطتها عبثاً وأصابني اليأس . في ليلة هذا اليوم أو الذي بعده دخلتُ دكاناً لشراء نعلٍ خفيف أجلكم الله ، كان صاحب الدكان شاباً ، لا أدري كيف قلتُ لنفسي هذا بغيتي فإن سألته لن يخيب مسعاي ، مهدتُ بالسؤال وباشرت بعد تمهيد ، ضحك الرجل طويلاً ، وقال المدينة كلها تشرب بالسر والعلن ، ثم قال قبل أن أدلك سأتصل هاتفياً ، وبعد دقائق جاء سائق توصيل وقال ما طلبك ، بعدها أعطاني صاحب المحل أكثر من رقم هاتف لطلبات التوصيل ثم اصطحبني بسيارته ليدلني على دكان بيع المشروبات في المدينة ، كنتُ أمر بالقرب منه يومياً من غير الانتباه له ، فهو عبارة عن بيت عادي ومن نافذة جانبية محوّرة يتم البيع والشراء بشكل شرعي ، بدليل إجازة المهنة المثبتة بحياء ، وبالمقابل يداري مشاعر أهل البلدة المتحفظين ، أخبرني صاحب محل الأحذية بأن المدينة على وشك الانفجار ، وهذا قبل التظاهرات وقبل أي بادرة لأزمة سياسية في البلد ، قال أننا مسلحون لدعم الجيش والدولة وهناك مسلحون معارضون أيضاً وأن الجبل الذي يحتضن البلدة وهو جبل (القلمون) أصبح يعجّ ببطاريات المدفعية ، ضحكتُ في سري وقلت أن الرجل (يهمبل) ، لكن ما تبقى من وقت كان وردياً حتى قطعتُ زيارتي لرغبتي الشديدة بالمشاركة في تظاهرات عام 2011 في بغداد على أمل أن الربيع سيمر في بغداد أيضاً ، عدتُ لدير عطية مرتين ، الأولى كانت الحرب والأزمة السياسية بدأت في درعا وبعض المدن الأخرى ولم تصل دير عطية وإن كانت قد طالت مدينة (النبك) المجاورة ، وكان دكان بيع المشروبات على حاله يقوم بأقدم عمل في التأريخ ، في المرة الثانية كانت الحرب قد عمّت سوريا ووصلت حتى دمشق ، في الفندق الذي سكنتُ فيه في دمشق سألت صاحب الفندق عن إمكانية ذهابي لدير عطية ، قال أنا سأقوم بذلك مقابل مائة دولار وافقت فتوجهنا فجر اليوم التالي ، كانت مغامرة حمقاء ، كل المدن والبلدات بين دمشق ودير عطية ، قد سقطت بيد المعارضة وكان علينا المرور بطرق جانبية وريفية ، كان السائق طامعاً بالمائة دولار فغامر باصطحابي على أساس أنه من أهل هذه البلدات ، قلتُ له ماذا يحصل لو صادفنا حاجز مسلح ، قال بضمانتي ، ضحكتُ سراً وعلنا وفوضت أمري لله ، على كل حال وصلنا دير عطية وكانت أطرافها بيد المسلحين و ما جئتُ من أجله كان مغلقاً كأي شيْ في المدينة ، فضولٌ متهور دفعني للطلب من السائق المرور على دكان المشروبات وقد توقعت تفجيره مثلاً ، ولما وصلنا كان المحل مضاءً بضوء شاحب لكنه يمارس عمله ، كان (بيت صليوة) في دير عطية يفوّض أمره لله . ولا أدري ماذا حل به لاحقاً . رفقاً بـ(بيت صليوة) في كل مكان ، فهم لا يهددون الفضيلة ولا الإسلام ، كما أن من يفجرهم لا يعنيه الإسلام قدر طمعه ببيوتهم وأملاكهم ، شكراً لمن لا يسيء الظن بنا رغم خلافه معنا ، فالعراق لا يهدد وجوده قدحٌ من الخمر وكل يوم يخسر من رافديه ، حتى ليجد نفسه يوماً بلا ماء ليتوضأ منه شعبه الطيب المؤمن .
*
اضافة التعليق
فريقنا سيء .. ولكن ماذا عن سوء الفيفا والاتحاد الآسيوي، والسعوديين ؟!
ترامب يشرُّم أُذن و( تراچي ) شَرْم الشيخ ..
كيف نتخلص من مرض السكر، ونفوز على السعودية ونتأهل إلى كأس العالم ؟!
عبد الحليم حافظ وعبد الجبار الدراجي و(المرشحون الخردة) !!
رايح يا رايح وين ياسامي مسيعيده ؟!
من رئيس العرفاء مچيسر چاسب الى رئيس الوزراء محمد شياع ..!