معركة حزبية بين جبال "كردستان"..منصب رئاسة الجمهورية يفتح شهية البرزانيين

بغداد- العراق اليوم:

في إقليم كردستان، شمال العراق، هناك صراع حزبي وسياسي وصل بحسب مصادر سياسية أفادت بذلك إلى مرحلة متوترة، على منصب رئيس الجمهورية، لا سيما بعد تراجع عدد مقاعد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى نحو 17 مقعداً وفقاً للنتائج الأولية للانتخابات العراقية التي أجريت في العاشر من أكتوبر الماضي.

ومنذ عام 2005 تولّت ثلاث شخصيات منصب رئاسة الجمهورية العراقية، وهي جلال الطالباني وفؤاد معصوم وبرهم صالح، وجميعهم ينتمون لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو ثاني أكبر الأحزاب الكردية في البلاد، لكن الدورة الحالية تشهد طموحاً كردياً لنيل المنصب، عبر الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم الفعلي في أربيل، وهو ما يجعل مبدأ المحاصصة الكردية أمام تحدياً فرضته نتائج الانتخابات الأخيرة.

وأفادت مصادر سياسية من إقليم كردستان العراق، بأن "حراكاً سياسياً يقوده الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل، لسحب المنصب من الاتحاد وتحويله تدريجياً إلى الديمقراطي لا سيما بعد التغييرات التي طرأت على نتائج الانتخابات الأخيرة"، مبينة لـ"المطلع"، أن "هناك اتفاقاً بين الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان على أن تكون رئاسة الجمهورية من نصيب الاتحاد، ورئاسة حكومة الإقليم من حصة الديمقراطي، لكن إذا حصل أي خلل في هذا الاتفاق فلا بد من استبداله باتفاق جديد".

ولفتت ذات المصادر إلى أن "هناك طرف سُني لديه طموح سياسي بالحصول على منصب رئيس الجمهورية، وتحديداً حزب "تقدم" الذي يقوده رئيس البرلمان المنتهي محمد الحلبوسي، لكن هذا الطموح قد يؤدي إلى حصول خلافات كبيرة بين أحزاب الإقليم والمركز، لا سيما وأنه سيؤدي إلى حدوث خلل عملية المحاصصة المثبّتة منذ عام 2005"، مشيرة إلى أن "اللجوء إلى حكومة الأغلبية الوطنية التي يدعو لها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد تؤدي إلى هذه التغييرات، لذلك فإن معظم الأحزاب التي تراجعت حظوظها وأعداد مقاعدها، تريد العودة إلى تشكيل الحكومة وفق مفهوم التوافق".

من جهته، قال ريبين سلام، وهو قيادي في "الديمقراطي الكردستاني"، إن منصب رئاسة الجمهورية العراقية هو استحقاق دستوري وقانوني وسياسي لحزبه، مبيناً في تصريحات صحفية، أن "نتائج الانتخابات الأخيرة أفرزت زعامة كردية واضحة تمثّلت بالحزب الديمقراطي الكردستاني بعد حصوله على أكثر من ثلاثين مقعداً في البرلمان العراقي، ولذلك لن نتنازل هذه المرة عن استحقاقنا. ولكن سندخل بمفاوضات مع الاتحاد الوطني والأحزاب الكردية الأخرى، من أجل توحيد البيت الكردي قبل الذهاب إلى بغداد.. ونأمل أن لا نضطَّر للدخول بمنافسة مع أكثر من مرشح كردي على منصب رئاسة الجمهورية".

أما القيادي في الاتحاد الوطني محمود خوشناو، فقد بيَّن أنه "من الطبيعي وجود خلاف بين الحزبين الكرديين، كحال بقية الأحزاب، إذ لدينا خلاف مع الحزب الديمقراطي، في عدة أمور، كما لنا اتفاق في أغلب القضايا، لكن منصب رئيس الجمهورية، هو ممثل للشعب الكردي، وإن كان هناك عدم توافق تام داخل الأحزاب الكردية، بشأنه"، لافتاً إلى أن "المسألة لا تتعلق بالحصول على المنصب، بقدر إدارته بتوازن، دون تخندق أو تمحور، وهو ما نسعى إلى أن تكون هناك إدارة جيدة لهذا المنصب المهم".

قبل ذلك، أكدت وسائل إعلام كردية ترشيح الحزب الديمقراطي الكردستاني لهوشيار زيباري، القيادي بالحزب، ووزير المالية العراقي الأسبق، لشغل منصب رئاسة الجمهورية العراقية، وأن الحزب قد دخل بمرحلة مفاوضات مع باقي الأطراف الشيعية والسُنية من أجل دعم هذا الترشيح.

لكن لدى رئيس جمهورية العراق الحالي برهم صالح، رغبة بالحصول على ولاية ثانية، حيث قال في حوار تلفزيوني سابق: "مهمتي الأولى إجراء الانتخابات بسلام، وأتطلع إلى الحصول على ولاية ثانية، فلدي الكثير لأقدمه في هذا المنصب".

وخلال انتخابات عام 2018، لم يتفق الحزبان الكرديان، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، على ترشيح شخصية واحدة، لهذا المنصب، إذ رشّح الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزير الخارجية الحالي، فؤاد حسين، فيما رشح الاتحاد الوطني، برهم صالح، ليختار مجلس النواب الرئيس صالح.

بدوره، رأى الباحث والمحلل السياسي العراقي أحمد العبيدي، أن "العرف السياسي المخالف للدستور الذي انتهجته الأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية، بطريقة اختيار رؤساء الرئاسات الثلاث منذ عام 2003، لم يكن صالحاً ومرضياً للشعب العراقي، ولعل اختيار سليم الجبوري رئيس للبرلمان في السابق كان مثالاً مؤذياً على عمل البرلمان، وبنفس المنطق بطريقة اختيار فؤاد معصوم رئيساً للمجهورية".

وأكمل العبيدي في حديثهِ مع "المطلع"، أن "يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تغييرات على مستوى منصب رئيس الجمهورية، وقد يتم سحبه من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ويمضي باتجاه حزب كردي آخر، وتحديداً الديمقراطي الكردستاني، أو ربما حزب سني آخر"، موضحاً أن "هناك حزب سني يتطلع لهذا المنصب، وفي ذلك تمرد على المحاصصة بطريقة كبيرة".

 

علق هنا