الدكتور جاسم الحلفي يكتب عن نتائج الإنتخابات وأزمة النظام السياسي برمته

بغداد- العراق اليوم:

نتائج الانتخابات تكشف أزمة النظام السياسي

جاسم الحلفي

سبق وتوقعنا ان تكون نتائج انتخابات ١٠/١٠/٢٠٢١ كاشفا إضافيا لأزمة النظام السياسي، وها نحن اليوم وبعد الاعلان الاولي عنها نشهد صراعا مكشوفا على السلطة.

لم يكن توقعنا دون سند علمي، بل جاء نتيجة دراسة للوقائع السياسية، ومعاينة دقيقة لأداء المتنفذين. حيث اثبتت تجربة العملية السياسية ان المتنفذين يستخدمون الانتخابات ليس كآلية ديمقراطية لتمثيل الشعب، ثم السهر على تنفيذ مطالبه وتلبية حاجاته، انما كأداة حساب لنفوذهم في السلطة وطريقة لتوزيع الحصص في ما بينهم. فعائد المقاعد التي يحصلون عليها، يسمونه استحقاقات انتخابية، فهي ارقام تترجم كحصص في السلطة التنفيذية، حيث يتم  تصنيف الوزارات الى سيادية وأخرى خدمية وثالثة وزارات دولة، وتحدد قيمة كل وزارة وفق معيارين، الأول بما يقابلها من مقاعد برلمانية والثاني بحجم الأموال المخصصة للوزارة في الميزانية. وتغدو الوزارة إقطاعية لهذا الحزب او ذاك، فيستغل مواقعها لمحازبيه وتابعيه، فيما تفتح ميزانيتها له  كمصدر مدرار لمال الفساد، حيث تعقد الصفقات في اروقتها لصالح حزب الوزارة!

لا يبدو في الأفق ان نتائج الانتخابات ستكون خطوة في اتجاه التغيير والإصلاح، مهما كانت محدودة. ولا امل في وقف الصراع على السلطة بين المتنفذين، الذي قد يصل اذا بقي مستعرا الى حد انقلاب المركب على الجميع. فالوضع مقلق وخطير وينذر بما هو اسوأ.

نعم، لم تأت نتائج هذه الانتخابات رافعة للتغيير، كما استهدفت الانتفاضة، بقدر ما ستؤدي الى إعادة انتاج المحاصصة بين المتنفذين، بطريقة حساب أخرى مختلفة في الشكل، لكنها ستؤدي الى النتيجة ذاتها: المحاصصة لا غير. سيما وان الامر وصل الى استخدام العنف المتبادل، وبدا وكأن عناصر السلطة تقاتل بعضها, في واحد من تمظهرات ازمة النظام الذي يعجز عن إيقاف صراع مكوناته في ما بينها. وهو الصراع ذاته الذي يخاض من اجل المال والنفوذ. والمتابع للصراع حول السلطة يكتشف دون عناء، ان المتصارعين يسعون الى رمي النتائج خلفهم، والبدء بتشكيل حكومة محاصصة جديدة.

ولقد سبق وتوقعنا ان الحديث عن تزوير انتخابات ١٠/١٠/٢٠٢١، سيكون أوسع من كل ما قيل عن التزوير عقب جميع الانتخابات التي جرت منذ ٢٠٠٣! وذلك بناء على تصور اثبتت الأيام صحته، بان الخاسر من المتنفذين لن يقبل بالنتائج. فهكذا هي طبيعة القوى المتنفذة وارتباطها المصيري بالسلطة وعدم تبنيها للديمقراطية، فضلا عن عدم اعتمادها الاليات الديمقراطية في بنيتها الداخلية، ولا استنادها الى الديمقراطية في هياكلها التنظيمية.

لذلك لم تكن مطالبتنا بتطبيق قانون الأحزاب من دون أساس، والهدف كان وما زال تعميق الفهم والسلوك الديمقراطيين،  ولو ان القانون طبق بجدية وصرامة لخرج من المنافسة الانتخابية عدد غير قليل من تنظيمات القوى المتنفذة، التي لا تنسجم مع نصوصه القاضية بابعاد القوى التي تمتلك اذرع مسلحة من العمليةالانتخابية. كما انه يفرض كشف موارد الأحزاب الى جانب إرساء القواعد الديمقراطية في حياتها الداخلية، وعقد مؤتمراتها بصورة دورية وترسيخ التقاليد الديمقراطية، واعتماد التداول في المواقع القيادية، بحيث لا يكون الحزب تابعا لهذه الشخصية المتنفذة او تلك.

علق هنا