(ابو هيا) يكسب قلوب الناس ومودتهم ببساطته وعفويته وصدقه

بغداد- العراق اليوم:

كتب المحرر السياسي في العراق اليوم :

هل محبة الرؤساء والزعماء موهبة، ام هبة من الله، ام سعي واجتهاد، وكيف تكتسب محبة الناس، وكيف تدخل قلوب الملايين من البشر ان كنت حاكماً؟.

لعلها اسئلة تدور في خلد اغلب زعماء العالم وساسته، لكن اجابتها واضحة وبسيطة وغير معقدة او مفقودة، انها وصفة طبيعية خالية من تعقيدات الكيمياويات السياسية او مصانع التعليب الاعلامي الجاهزة الممزوجة بالدعاية والبروبغندا.

الوصفة والأكسير السري، هو التواضع للناس، ومبادلتهم المحبة، البحث عن اضعفهم والانتصار له، والعطف على اصغرهم، وتوقير أكبرهم، وتلك برأينا المتواضع عرابين التحول لزعيم شعبي محبوب.

فعبد الكريم قاسم لم يملك امبراطوريات اعلامية تهلل له، ولم يملك اساطيل من اقلام الصحافيين التي تمجد  به، بل كسب محبة الناس واستقر في وجدانهم، بتلك الروح الوطنية المخلصة، وبذلك الادب الجم، والتواضع الحقيقي الصادق، وتقريب الفقراء وجعلهم قبلته وهدفه، فكان يواصل الليل بالنهار من اجل ان ينجز لهم حياةً افضل، وان يدفع بهم من مستنقعات الحرمان والعوز والفاقة الى مصاف الحياة المقبولة.

هكذا تحول عبد الكريم الذي كنا نغني له في طفولتنا ومدارسنا ؛ (عبد الكريم كل القلوب تهواك) الى أسطورة في العطاء الانساني، وظل خالداً في ضمير شعبه الى ساعتنا هذه.

اليوم، نرى ان ثمة رجلاً بسيطاً متواضعاً، إبناً من ابناء هذا الشعب، وواحداً منهم، يسميه الناس  ببساطة وبلا تكلف ( ابو هيا) وينادونه ابا الفقراء، ويتبسمون له حين يرونه يتجول في شوارعهم، واضعاً كل التهديدات خلف ظهره، وهو يتمشى معهم في رسالة اصرار على مواصلة نهج الدولة، والعمل على ترسيخ قواعدها القائمة على مقولة غير معقدة، مفادها ان "شرعية الحكم والحاكم من رضا الشعب، وبخلافها لا شرعية لحاكم  ولا بقاء لحكم".

اليوم جسدت زيارة ( ابو الفقراء) الكاظمي لمدينة الفقراء، او كما نسميها  ضمير العراق اليقظ، وقوته الفكرية والفنية والأدبية الثقافية والرياضية، أقصد مدينة الثورة / الصدر / هذه المفاهيم، ومثلت  انتقالة اضافية في طور تحول  الرجل الى أيقونة وطنية اخرى، في زمان بات انفصال الحكام عن الشعوب هو السمة المميزة لهم تقريباً، لكن (ابو هيا) يقلب الموازين ويدخل التاريخ من بوابة الفقراء.

من المعروف  ان  اي زعيم سياسي حين يتعرض لمحاولة اغتيال، فأنه يختفي عن الأنظار، ويعزز حماياته ويوظف اجهزة الدولة كلها لمرافقته، لكننا وجدنا العكس تماما، فالكاظمي لم يترك سوى 72 ساعة فقط، حتى ظهر من شارع الفلاح في مدينة الصدر، متجولاً فيه لوحده، يحيطه الناس من كل جانب، ويتسابق الشبان لالتقاط صورة تذكارية مع ابو هيا، صديقهم وأليهم وابنهم، بهذه الروحية يتعامل الناس مع رئيس وزراء العراق، ويتعامل الكاظمي مع أبناء شعبه.

فعلاً، يريد الرجل  ان يدخل في ذاكرة شعبه، ويريد ان يرسخ في ضميره، لا عبر شراء الذمم او القمع والاقصاء والتخويف، لا ابداً، إنما عن طريق المحبة وتبني قضايا الفقراء ومصالحهم، والدفاع عنهم اينما حلوا واينما وجدوا.

لقد كسب الكاظمي جولة اضافية في مسيرة  استعادة الدولة، وخسر مضادوه جولات اضافية.

والاهم من هذا هو حجم الحب والتعاطف الذي حظي به ابو هيا من كل فئات الشعب العراقي.

علق هنا