يطالبون بالتواصل والتعاون مع الاشقاء، وينتقدون الكاظمي في دعم لبنان .. أية إزدواجية يعيشها السياسي العراقي !

بغداد- العراق اليوم:

المحنا في مقالة سابقة، الى أهمية الأندكاك في مشروع بناء سياسة وطنية خارجية عراقية ذات مصداقية وقدرة تأثيرية في عالمه ومحيطه، وأن يواصل العراق بناء قاعدة التعاون الدولي على أساس مصالحه فقط، دون النظر الى زوايا جانبية او مراعاة محاور واقطاب اقليمية، وهذا لا يعني بالتأكيد أن يتخلى العراق عن دوره الإنساني التضامني مع الشعوب، ولا أن يتراجع عن مسؤولياته الأخلاقية والدينية، وينسى دوره في أسناد الضعفاء ومن يمرون بأزمة ما، فكانا نتذكر كيف كنا نفرح كشعب مظلوم، حينما نسمع صوتا مناصراً لنا في اقصى الأرض، ومجرد ان نسمع بكلمة تضامن تصدر عن زعيم او عن دولة او منظمة وهي تدين اجرام البعث ونظامه، وسياسة التجويع والحصار المزدوج التي فرضها المجتمع الدولي والنظام البعثي معاً ضد الشعب العراقي.

اليوم وحيث يمد الكاظمي عبر الحكومة العراقية يده بثقة وثبات للأشقاء في لبنان، ويحاول أن يخفف من غلواء الجوع والفاقة التي تجتاح هذا البلد الصغير المسالم، وأن يؤدي دوراً عربياً واسلامياً وإنسانياً تضامنياً، وهو موقف يعكس أولاً تربية وبيئة الشعب العراقي المحب للخير والمندفع في ركاب الشعوب الخيرة.

ويكشف أيضاً مصداقية العراقي وثباته في علاقته مع الشقيق والصديق، حيث يتطابق عنده الظاهر مع الباطن، ويجتمع فيه المخفي بالمعلن .. فالعراقي له وجه واحد .. وقلب واحد لا غير .. لكن للأسف، نرى في بعض السياسيين العراقيين ثقافة التعامل بوجهين، والكيل بمكيالين.. لا سيما  الساسة الذين لايروق لهم، أن يُحسب هذا النجاح والتألق للكاظمي على ما يبدو، ففي الوقت الذي صدعوا به رؤوسنا بالمطالبات المستمرة والمتواصلة بضرورة ان يستعيد العراق علاقاته مع حاضنته العربية، والاسلامية، وأن ينفتح على دول الجوار والمحيط  وأن يغادر سياسة الانزواء والتقهقر، نراهم في ذات الوقت ينتقدون ويرفعون اصواتهم لمجرد ان العراق باع لبنان كميات محدودة من النفط مقابل خدمات ومنتجات زراعية لانقاذ بلد يقف على شفا حرب أهلية، ومجاعة، ان حدثت – لا سمح الله- فأن العراق لن يكون بمعزل عن ارتداداتها بكل تأكيد، نظراً لحجم التشابه الأثني والديموغرافي بين البلدين الشقيقين، فهل كفر الكاظمي بهذا الاتفاق الواضح الصريح، أم أن باء الاخرين تجر، وباء الكاظمي لا تجر !!

لماذا تختلف المقاييس عند هذا البعض، ويحاول الاصطياد بالمياه العكرة، في مواقف لا تستقيم إلاً مع النجابة والشهامة والأقتدار، والفعل الإنساني والأخوي، فهل يريدون مثلاً ان يغلق العراق ابوابه وهو يرى ان النيران تلتهم اصدقائه واشقائه، فلماذا إذاً كنا وما زلنا نعتب على بعض الاشقاء والاصدقاء حينما تركونا نعيش ويلات الدكتاتورية والجوع والحرمان دون مساعدة !.

إننا نعرف ان الازدواجية السياسية، داء عربي مزمن، ومرض أبتليت فيه النخب السياسية العربية، لكن للأسف، نراها تحولت اليوم الى وباء ينتشر في صفوف الكثير من الساسة العراقيين، الذين يريدون من خلال خطابهم الشعبوي ان يصنعوا لأنفسهم اسماً وحضوراً وأن كان على حساب قيم إنسانية حقة، ومصالح وطنية واضحة، فمتى يتوقف هولاء عن لعب هذه الأوراق الخاسرة ؟.

علق هنا