بغداد- العراق اليوم: مع اقتراب موعد حسم ملف النتائج الانتخابية، يبدو أن زعيم التيار الصدر السيد مقتدى الصدر، وضع هذا الأمر في حساباته، وقرر أن يقطع الشك باليقين أو كما يقول أهلنا: (يفصل الصيف من الشته)، حيث بدأ بالإعلان الواضح والقطعي عن مرحلة جديدة ستدخلها العملية السياسية، وتدخلها التجربة الديمقراطية، وأن تغييراً جذرياً سيعيشه مجلس النواب القادم، اذ ستبرز لأول مرة فيه جبهتان، الأولى للموالاة، وهي من ستشكل الائتلاف الحاكم (الترويكا)، والأخرى للمعارضة، وهي من ستشكل حكومة الظل، وسنرى تبارياً واضحاً في نقد ونقد مضاد، وعمل وتقويم، وطرح وترصين، وقبول ونقض، وتقدم ومحاسبة، وانجاز ورقابة، وهكذا سنرى فعلاً حياةً برلمانية جديدة، تليق بالتجربة التي أختمرت، ومرت بكل مراحلها، فتصاعدت مرة، ونزل نسغها مرات الى مستوى لا يليق بها. نعم، فالصدر الذي يعد من صناع قواعد اللعبة السياسية الاساسيين، يعرف تماماً ان الشارع العراقي سئم، بل وكفر ببدعة التوافق، حيث ان الكل في الحكومة، والكل ضدها في مجلس النواب، والكل يتقاسم " الكعكة" والكل يبصق فوقها!!. ويعرف الصدر ايضاً، ان الاحجام عن الاقتراع لتجارب متتالية، كان ردة فعل طبيعية لمصادرة حق الناس في أن ترى جهة فائزة تمضي بأخذ دورها، وتمارس تفويضها الشعبي، وتحاسب على اساس برامجها المطروحة، ولذا بات العراق يردد تعقيباً او جواباً على سؤاله عن سبب المقاطعة " ما راح يتغير شي، إن انتخبت او لم انتخب سيتفق الفائز والخاسر سويةً لتقاسم الحكومة، وسيضيع صوتي!". هذه المعادلة الكارثية التي اصابت الديمقراطية بمقتل، يقول الصدر آن لها أن تختفي، وأن نتجه بكل ثقة الى بناء الجبهتين على اساس انشقاق عامودي، لا اصطفاف افقي طائفي – قومي كما كان يحدث فيما سبق، وآن الآوان أيضاً لأن نكتب أوراق عمل حقيقية، لا مجرد اتفاقات لتقاسم النفوذ والنقود ايضاً، ويذهب كل من المتغانمين بحصته فرحاً. اليوم، وبتغريدة الصدر، فأن ملامح مشروع سياسي قد رُسمت، وأن الرجل قالها بصراحة، يجب على احد الفريقين ان يذهب للمعارضة، ويمارس دوره من هناك، وأن يتيح للفائز ان يجرب ويندفع باتجاه تنفيذ وعوده، وحينذاك سيكون العمل هو الفيصل في الحكم على التجربة. نرى أن هذا التوجه لو مضى به الصدر الى أخره، هو الحل وهو المخرج، لأزمة الانسداد السياسي الذي وصلنا اليه، ونأمل أن يعي الجميع مسؤولياتهم في تحرير الديمقراطية من بدعة التوافق، وأن نضع قطارها الهادر على سكته الصحيحة، كي نعيد الثقة بين الشعب والديمقراطية التي هزها ودمرها خروج القطار عن سكته طويلاً.
*
اضافة التعليق