هل يمكن ان تتولى إمرأة منصب القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء في العراق الآن ؟!

بغداد- العراق اليوم:

بادئ ذي بدء علينا ان نقر اننا مع فكرة مشاركة المرأة في كل قطاعات الدولة ومؤسساتها وقطاعاتها المختلفة، فهي نصف المجتمع، وهي الفاعل الاساس فيه وجزء لا يتجزأ من حراكه المنتج، وبدونها تبقى قدرات الدولة ضعيفة، واطرافها مكبلة، فليست المرأة في عالم اليوم الا الركن الأجمل والأروع من أركان المجتمعات، ومنها ينطلق العمل والبناء والتنمية.

كما أن أي مؤسسة حكم مدنية لا تستقيم، بل وستظل مقعدة على الأرض بدون جنحها الثاني- ونقصد به المرأة -

هكذا نرى دور المرأة الهام والأساس في مختلف وجوه الحياة.

لذا فأننا (في العراق اليوم) اشدنا صراحةً بما حققته المرأة النائبة والسياسية واحتفينا بفوز ٩٧ نائبة في هذه الدورة بجدارة، ونأمل منهن ان يكن على قدر التحدي، وان يكن نائبات حيويات ونشطات في المجالين الرقابي

 والتشريعي.

كما أننا نأمل ان يوازي حضور المرأة في الحكومة، حضورها في المجلس النيابي، وان نرى اداء وزيرات عراقيات رائدات يذكرنا بشجاعة ونزاهة وقوة نزيهة الدليمي -رحمها الله- التي تبوأت المنصب لأول مرة في تاريخ العراق، وحققت نجاحاً بارزاً .

ولكن ما يثار خلال الساعات الاخيرة، حول نية التيار الصدري الدفع بأمرأة لمنصب رئاسة الوزراء المقبلة، امر لا يخلو من تكتيك ومحاولات لتشيت الضغط، اكثر من كونه حراكاً حقيقياً او توجهاً صحيحاً، لأن التيار يعرف كما يعرف غيره، الكم الهائل من التعقيدات التي يعيشها العراق الآن، والصعوبة الكبيرة مع حجم الممانعات التي تحول دون ان تتولى المنصب امرأة في مجتمع شرقي ذكوري كمجتمعنا، وكيف يمكن ان تقاد الأمور في منصب يتطلب تواجداً دائماً في اماكن القيادة العسكرية الميدانية، واماكن الاجتماعات التي تعج بالعنصر الذكوري، وكيف يمكن ان تتعامل امراة مهما كانت قوية الشخصية مع كم هائل من الجنرالات المدججين بالتراكمات (العصبية القبلية)، والبيئية، والنفسية المتشددة، ومن أصحاب الطموحات الشخصية من المحيطين بهذا المنصب، وما أكثر وأشد طموحات العسكر.

كما يمكن لنا أن نتخيل رأي الزعامات العشائرية التقليدية والدينية المحافظة في وجود امرأة على سدة حكم العراق، ولنا أن نتصور بواقعية، كم ستكون مهمتها صعبة جدا، بدءاً من محيطها الذاتي، وانطلاقا الى المجتمع السياسي المتزمت باعرافه الواضحة.

تبدو الفكرة فنتازية في العراق، ويبدو ان طرح هذا الامر مناورة ليس الاٌ، ولذا نأمل ان لا يتحول التنافس السياسي المحموم الى مجرد اداة استعراض افكار، وعصف ذهني تقوم به بعض الكتل لغرض كسب المزيد من الوقت، وللأسف، الوسيلة هي المرأة العراقية.

وأخيراً - وهذا ليس إنتقاصاً من المرأة العراقية المقتدرة والمضحية في كل العهود،  لكنه رأي يجب أن يقال بصدق ودون مجاملة:

فالمجتمع العراقي وبحكم تراكمات هيمنة العنصر الذكوري طيلة 100 عام على قيادة الحكم والدولة، لم يعط للمرأة العراقية فرصة واحدة في التجريب والتدريب، كما لم يسمح لها في أن تقود دفة الدولة حتى بات هذا الحال وكأنه قانون مكتوب، أو عرف، أو  أمر  واقع يجب أن يبقى.. بمعنى أن المرأة في العراق لم تحصل طيلة قرن ونيف على فرصة واحدة في رئاسة الدولة، لكي نتعرف على قدراتها، وامكاناتها القيادية المدنية والعسكرية، ونتفحص مواهبها الأدائية في هذا المكان الخطير، كما حدث ورأينا في بريطانيا والمانيا والبرازيل والهند وغيرها، ونقصد تجارب الزعيمات تاتشر وميركل وانديرا غاندي وغيرهن من الأسماء النسوية الفذة..

نعم لم تمنح المرأة العراقية فرصة التجريب، لذلك لم تظهر في العراق إمرأة قيادية لامعة ومميزة في المجال السياسي أو الأمني أو العسكري، حتى تجربة النساء البرلمانيات في العراق فهي باهتة جداً، بحيث لم تفرز  منها نماذج قيادية مقنعة، فأغلب (النائبات)العراقيات هنّ صدى لأصوات قادة الكتل، ينفذن ما يطلب منهنٌ ليس أكثر، مع احترامي لبعض الأسماء النسوية المشاكسة في البرلمان العراقي، وطبعاً فإن المشاكسة لا تعني إقتداراً قيادياً يؤهل الى رئاسة الدولة والحكومة.

لذا فإن من الطبيعي، وفي ظل هذه الهيمنة الذكورية طيلة قرن من الزمان، أن ينحسر وجود المرأة القائدة في مجتمعنا.

وبات صعباً أن تجد اليوم إمرأة قادرة على أن تقود رئاسة الدولة العراقية مثل بنات جنسها في بلدان اوربا وغير اوربا، خصوصاً في ظروف العراق الحالية، الذي تحيط به المصائب والبلاوى والمخاطر من كل حدب وصوب.. مخاطر داخلية وخارجية تحتاج الى قائد مجرٌب ومدرٌب ومقتدر، له باع وقوة وصلابة على مواجهة جميع المخاطر السياسية والأمنية والأقتصادية والصحية أيضاً.

علق هنا