الصدريون والفتح يستبعدان "سيناريو عبد المهدي" ويستقطبان الكورد والسنّة "طولياً"

بغداد- العراق اليوم:

شابت الحكومة العراقية السابقة، التي تولاها عادل عبد المهدي، بعد اتفاق على تشكيلها بين سائرون المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وائتلاف الفتح بزعامة هادي العامري، الكثير من الأزمات السياسية والامنية ومشاكل عديدة، أفضت الى اقالتها قبل أوانها، والمجيء بحكومة تولاها مصطفى الكاظمي.

التحالف السابق بين سائرون والفتح، يبدو بعيد المنال في الانتخابات المقبلة، رغم ان المراقب للشارع العراقي يرجح فوز الصدريين والفتح بأعلى الأصوات في الاقتراع المقرر في العاشر من شهر تشرين الأول الجاري، وبالتالي يتحتم على الطرفين اللجوء الى سباق تحالفي، لكن بطريقين مختلفين عن بعضهما، من أجل استمالة باقي التحالفات والمكونات الأخرى.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعيم ائتلاف الفتح هادي العامري أعلنا من مدينة النجف في الثاني عشر من شهر حزيران 2018 عن تحالف لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان.

لكن احتجاجات 2019 أجبرت حكومة عادل عبد المهدي على التنحي، ودفعت باتجاه تغيير قانون الانتخابات، بعد أن قتل فيها نحو 700 متظاهر فضلا عن آلاف الجرحى، بحسب لجنة التحقيق الحكومية.

عضو تحالف الفتح ابو ميثاق المساري، قال "لا اعتقد سيحدث تكرار هذا التحالف بهذه الامور، فالماكنة الانتخابية للفتح تعمل باتجاه، والماكنة النتخابية للتيار الصدري ايضا تعمل باتجاه آخر"، مضيفاً أن "ماكنة التيار الصدري تعمل على استقطاب اربيل، كما تعمل ماكنة الفتح على استقطاب السليمانية، ويجري هذان الخطان العمل على استقطاب احد مكون السنة كتقدم او عزم".

وأوضح أن "توزيع الادوار يختلف، والاحجام الانتخابية هي الحاسمة وهي التي ستقرر الى اين سوف تذهب هذه الكتل، ومن سيكون صاحب الوفرة والحظوة في تشكيل الحكومة باعتبارها الكتلة الاكبر"، مستدركاً أنه "وفق قراءتنا فان جهة ذهبت يميناً والاخرى ذهبت شمالاً، والالتقاء صعب وفق حجم العمل والتحديات وكذلك العروض".

"نتلقى كفتح، عروضاً من السنة والكرد، لذا صرف النظر عن امكانية التحالف مع سائرون لصعوبة الأمر، وهم ايضا لديهم واقع جيد ويتعاملون مع عروض من باقي الكتل ويدرسون امكانية الوصول الى 182 مقعداً التي تؤهلهم ليكونوا الكتلة الأكبر وتهيأهم لتشكيل الحكومة".

العراق يستعد لخوض خامس تجربة انتخابات منذ عام 2005 في العاشر من شهر تشرين الأول الجاري، حيث تجرى هذه الانتخابات قبل موعدها بعد نجاح الاحتجاجات والمظاهرات الواسعة التي اندلعت في تشرين الأول 2019، لمطالبة الحكومة بتقريب موعدها والإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وتسلم الرئيس الحالي للحكومة مصطفى الكاظمي هذا المنصب.

التيار الصدري رأى ضرورة ان تكون هنالك حكومة قوية من خلال شراكة الاقوياء، ومقابلها تكون هنالك معارضة قوية، رغم أن البعض كان يخشى الذهاب في السابق باتجاه المعارضة بسبب المخاوف من التعرض الى التهميش.

وقال عضو التيار الصدري، صفاء الأسدي إنه "في عام 2018 عندما رأينا كل التجارب السابقة هي أنه الجميع يركب بركب واحد، ما انتج الا حكومات فيها محاصصة وتقسيم وحكومات مواقعية وبعيدة عن المواطنين".

وأردف أنه "في عام 2018 التجأنا الى التحالف الطولي، الذي هو تحالف الاصلاح، ومقابله تحالف البناء، وهذه التحالفات تضم اطياف الشعب العراقي التي تمثل جمالية للشعب العراقي المتمثلة بالكورد والسنة والشيعة، ومقابلها تحالف طولي اخر، لكن يبدو ان هذا التحالف الذي سوف ينتج حكومة قوية ومقابلها حكومة معارضة لم يرق للبعض".

"لازالت الديمقراطية في العراق فتية، والتدخلات الاقليمية والدولية موجودة وبدأت الضغوط الداخلية والخارجية حتى وصل الامر الى شراء النواب من اجل الانتقال من كتلة معينة الى اخرى بغية انشاء هذا التحالف"، وفقاً للأسدي، الذي تابع: "نحن توقعنا وكنا قارئين للوضع من ان هذه الحكومة لن يطول عمرها، وخضعنا مرغمين غير راغبين الى تحالف بين الفتح وسائرون، والتحالف ليس ككل الفتح بل بين الصدر والعامري وجيء بعادل عبد المهدي وامهلنا الحكومة سنة واحدة ولم تستمر اكثر من سنة، حيث انبثقت احداث تشرين ووئدت الحكومة التي ولدت ميتة، بالنتيجة لا يمكن الان أن يعاد ذات المشهد السابق وتدوير نفس المدور ونفس التحالفات".

ورأى أنه "لابد ان تكون هنالك حكومة قوية من خلال شراكة الاقوياء ومقابلها معارضة قوية، وليس بالضرورة ان يشكل الفائزان الأول والثاني في الانتخابات، الحكومة المقبلة، لا يمكن أن تبنى البلدان بهذه الطريقة، لذا لابد ان يذهب الفائز الاول في الانتخابات باتجاه تشكيل الحكومة، ولا ضير ان يذهب الفائز الثاني باتجاه المعارضة، فهو أمر طبيعي جداً".

الاسدي، نوه الى أن "المعارضة بدأت تترسخ باذهان بعض الكتل، ففي السابق كان البعض يخشى الذهاب باتجاه المعارضة بسبب المخاوف من التعرض الى التهميش"، لافتاً إلى أن "التيار الصدري دخل عام 2006 في حكومة نوري المالكي الاولى، ووجد بعد 8 أشهر أن وجوده داخل هذه الحكومة لا يقدم شيئاً، لاسيما وان الحكومة مبنية على محاصصة واضحة المعالم، وارتأينا ان ننسحب وقدم وزراؤنا الستة استقالاتهم، أردنا تأسيس ثقافة المعارضة، لكن بالمقابل تعامل المالكي بأشد أنواع الاقصاء والتهميش للتيار الصدري، حتى ان الامر وصل الى ملء السجون بالصدريين".

وأضاف أنه "رغم ذلك تحملنا جراحنا بغية ان يستمر المشهد وبقينا خارج الحكومة، لذا لابد ان ترسخ ثقافة المعارضة وان يذهب احد الفريقين الى تشكيل حكومة قوية وواضحة المعالم ومسؤولة عن كل تصرفاتها ونجاحاتها واخفاقاتها، وبالمقابل معارضة قوية تشخص وتراقب وهذا هو النظام البرلماني والصحي".

وحسب مذكرة التفاهم مع الاتحاد الاوروبي، سيتم نشر مراقبين دوليين لعملية الاقتراع المقبلة، حيث أصدرت المفوضية العليا للانتخابات هويات، تخوّل دخول المراقبين الدوليين الى محطات الاقتراع لمراقبة الانتخابات.

واستناداً للانظمة والتعليمات في مفوضية الانتخابات، فإنه يحق للمراقبين مراقبة المحطات التي يرونها مناسبة في كل أنحاء العراق.

 

علق هنا