بغداد- العراق اليوم: يستعدّ العراق لانتخابات برلمانية مبكرة في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر بعد ان تعهدت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بإجرائها إثر موجة من الاحتجاجات الشعبية العارمة، وسط سلسلة من التحديات أبرزها الأزمة الاقتصادية الصعبة، وتحديات فرض سلطة القانون، وفساد مزمن متحكم بمفاصل الدولة. وفي حين نجحت حكومة الكاظمي في تامين الانتخابات.. فان الناخب العراقي يريد سلطة قوية وينتقد النظام البرلماني بسبب فشل النواب في تمثيل الشعب، ويرى ان اجراء الانتخابات وحدة لا يكفي من دون تغيير وإصلاح. وفي بلد عانى لعقود من الحروب والعنف، وتبلغ نسبة العاطلين عن العمل فيه بين الشباب 40%، وتفاقم فيه الفقر بفعل تفشي وباء كوفيد-19 رغم ثرواته النفطية، لا تثير الانتخابات المبكرة كثيراً من الاهتمام والحماسة بين الناخبين البالغ عددهم 25 مليوناً، فيما يتوقع المراقبون نسبة مشاركة منخفضة. كان يفترض أن تجري الانتخابات في موعدها الطبيعي في العام 2022، غير أن إجراءها كان واحداً من أبرز وعود حكومة مصطفى الكاظمي التي وصلت الى السلطة على وقع تظاهرات خريف العام 2019. ويرى الباحث في مركز تشاتام هاوس ريناد منصور أن النظام السياسي شبه مفلس اقتصادياً وإيديولوجياً، وفق فرانس بريس. ويقول منصور: هذا النظام غير قادر على توفير الوظائف والخدمات العامة، وغير قادر على إقناع العراقيين بأنه مؤيد للإصلاح ومحاربة الفساد. ويعتمد العراق ثاني أكبر مصدّر للنفط في العالم، بنسبة 90% على النفط في إيراداته، على الرغم من ثروته النفطية إلا أن ثلث سكانه البالغ عددهم 40 مليوناً، فقراء، بحسب الأمم المتحدة، لا سيما مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل هبوط أسعار النفط وتفشي وباء كوفيد-19. ويرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أنه في الوقت الذي يتوجه فيه العراقيون الى انتخابات، لا يزال البلد غارقاً بالفساد في جميع مؤسساته ما يساهم بشكل كبير بإضعاف الثقة بالدولة. ويبقى التحدي الأكبر بعد الانتخابات هو تسمية رئيس للوزراء في عملية ستكون خاضعة لمفاوضات معقدة، ويصعب تحديد من هم المرشحون المحتملون لهذا المنصب، وفي ظلّ غياب أغلبية واضحة في البرلمان، على الكتل السياسية المختلفة التوافق في ما بينها. وعلى سبيل المثال فإن اختيار الكاظمي تمّ بعد خمسة أشهر من الفراغ ومحاولتين غير مثمرتين لتسمية رئيس حكومة. وسط هذا السياق من الإحباط العام، أعلنت أحزاب عدة وناشطون شاركوا في احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر 2019، مقاطعة الانتخابات، لا سيما بسبب الاغتيالات التي طالت ناشطين والسلاح المتفلت. وتملك غالبية الكتل السياسية المشارِكة بالانتخابات ارتباطاً وثيقاً بفصائل الحشد او فصائل خاصة لكل حزب، سواء كان التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، أو الفصائل العسكرية التابعة للحشد الشعبي التي شارك مرشحوها في الانتخابات البرلمانية في العام 2018 للمرة الاولى. ويحذّر المحلل السياسي فاضل أبو رغيف من مخاطر انزلاق أمني داخلي بعد إعلان النتائج، لا سيما أن بعض الكيانات السياسية بالغت بإظهار حجمها في الآونة الأخيرة، في إشارة إلى خطابات بعض الأحزاب التي ترى نفسها أنها ستكون في الطليعة. وأضاف: النتائج قد تكون صادمة، وهذا لا يتلاءم مع تطلعات تلك التيارات وقد يدفعها إلى معارضة النتائج إلى حدّ التنازع. بعيداً عن العوامل المحلية، هناك توترات اقليمية تهدد بدفع العراق من جديد نحو العنف، في حال نشوب أي توتر بين حليفتيه إيران والولايات المتحدة على غرار ما حصل بعد اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس و قائد فيلق القدس قاسم سليماني في بغداد مطلع العام 2020 في ضربة جوية أميركية.
*
اضافة التعليق