إيران تكشف عن اتصالات سرية بين معارضيها الأكراد والقاعدة الأمريكية بأربيل.. فما صحة هذه الإتهامات ؟

بغداد- العراق اليوم:

في الآونة الأخيرة قامت إيران بشن هجمات صاروخية على معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية داخل إقليم كردستان العراق، ووصل الأمر إلى حد اغتيال موسى باباخاني، العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، الذي وجد مقتولاً داخل غرفة بفندق بمدينة أربيل، إذ اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني الحكومة الإيرانية باغتيال المسؤول البارز، بينما نفت إيران الأمر.

يقول مصدر أمني إيراني مطلع، إنه "لا علاقة لنا بمقتل موسى باباخاني، فالرجل قتل في خلافات داخل الحزب، أما عن الهجمات التي نفذتها قوات الحرس الثوري، فكانت ضرورية لإنهاء الوضع الحالي الذي ترفضه إيران".

بالإشارة إلى الوضع الحالي الذي ترفضه الجمهورية الإسلامية قال المصدر ذاته "في الآونة الأخيرة قام الإرهابيون (في إشارة إلى المعارضين الأكراد الإيرانيين) باستهداف قواتنا على الحدود، أكثر من مرة، وهذا أمر لم يعد مقبولاً، وسيتم إنهاءه قريباً".

وتناولت عدة تقارير إعلامية إيرانية في الأيام الأخيرة مقتل عدد محدود من جنود قوات حرس الحدود، مع إقليم كردستان العراق، على يد مقاتلي المعارضة الكردية الإيرانية، لكن المصدر الأمني الإيراني الذي تحدث عن مقتل العشرات ومن بينهم ضباط بارزون من الحرس الثوري الإيراني، وهذا هو السبب في الغضب الكبير من جانب الحكومة الإيرانية.

على الحدود الجبلية الوعرة بين إيران وإقليم كردستان، حيث تعمل قوات المعارضة الكردية الإيرانية على تسهيل عمل المهربين، وتفرض عليهم الضرائب لتسهيل دخولهم وخروجهم من إيران، وعادة ما تشتبك القوات الأمنية الإيرانية مع هؤلاء المهربين ومسلحي المعارضة الكردية الإيرانية.

يقول مسؤول أمني بارز في قوات البيشمركة الكردية، التابعة لحكومة إقليم كردستان إن حكومة إقليم كردستان كانت قد أمرت قوات المعارضة الكردية الإيرانية بعدم استهداف الأراضي الإيرانية، مقابل توفير الملاذ الآمن لهم داخل أربيل.

وأضاف "في حقيقة الأمر، منذ سنوات لم تخالف المعارضة الكردية هذا الاتفاق، ولا أعلم لماذا يقوم قادة الحرس الثوري الآن بتصعيد الأمور"، على حد تعبيره.

المسؤول الأمني في قوات البيشمركة الكردية، يقول   إن "التهديدات القادمة من الحرس الثوري الإيراني لم يسبق لها مثيل، والهجمات الأخيرة بالطائرات بدون طيار، واغتيال موسى باباخاني، تنذر بالسوء، ويجب أخذ هذه التهديدات على محمل الجد من قِبلنا".

في خضم التهديدات التي صرح بها قادة الحرس الثوري الإيراني، أشار اللواء محمد باقري، قائد القوات المسلحة الإيرانية، إلى أن جماعات المعارضة الكردية الإيرانية التي وصفها بالإرهابيين، تعمل لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وبعض الدول العربية في الخليج، قائلاً إنه تم رصد اجتماعات بين قادة المعارضة الكردية الإيرانية ومسؤولين أمنيين أمريكيين في قاعدة الحرير، التي تقع على بعد 70 كيلومتراً شمال مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.

يقول مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني   "في الآونة الأخيرة زادت اجتماعات قادة المعارضة الكردية الإيرانية، مع الأمريكان في قاعدة الحرير، وعلمت المخابرات الإيرانية أنه يتم التخطيط لاستهداف كبير داخل الأراضي الإيرانية، لذلك طلبت إيران من حكومة إقليم كردستان العراق إخلاء قاعدة الحرير من الأمريكان".

مسؤول كردي بارز في الحكومة، تحدث معلقاً على هذا الأمر، فيقول "نادراً ما يتم الاجتماع بين المعارضة الكردية الإيرانية والأمريكان، والحديث من الجانب الإيراني عن اجتماعهم مؤخراً في قاعدة الحرير صحيح، لكنه كان لمناقشة مصير المعارضة الكردية الإيرانية، بعد الانسحاب الأمريكي المحتمل من العراق"، على حد تعبيره.

ومن المفترض أن تقوم الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق، بنهاية العام الحالي، لكن مسألة الانسحاب مازالت غير مؤكدة، وتفاصيلها غامضة. يقول المسؤول الكردي العراقي إن "الأكراد الإيرانيين يخشون انسحاب الأمريكان من العراق، خوفاً من أن يلقوا مصير جماعة مجاهدي خلق الإيرانية".

يقول المسؤول الأمني الإيراني  إنه "إذا انسحب الأمريكان من العراق، ومن كردستان العراق تحديداً، ستكون قوات المعارضة الكردية الإيرانية مصدر قلق هائلاً للحكومة الإيرانية، القادة الأمنيون يخشون أن يشجع هذا الانسحاب هؤلاء الإرهابين على إثبات وجودهم في المناطق الحدودية، وشن حملات أكبر ضد إيران"، على حد تعبيره.

وتصر إيران على ضرورة إخلاء قاعدة الحرير التي تستضيف القوات الأمريكية بمدينة أربيل، وتواصل بالفعل عدد من المسؤولين الأمنيين الإيرانيين مع نظرائهم الأكراد العراقيين لحل هذه المسألة.

يقول مسؤول أمني كردي   إن "الايرانيين يريدون ضرب عصفورين بحجر واحد، لا يقتصر إخلاء قاعدة الحرير على مسألة المعارضة الكردية الإيرانية، بل إنه يخدم أجندتهم الخاصة بطرد الأمريكان من العراق".

في هذا السياق، عبّر المسؤول الأمني الكردي العراقي عن قلقه من استهداف محتمل لقاعدة الحرير من قبل الفصائل المسلحة الشيعية العراقية المقربة من إيران، فيقول   إن هذا الإصرار الإيراني على إخلاء قاعدة الحرير، ينذر بقيام الفصائل المسلحة الشيعية بإعادة استهداف القاعدة، "وهذا أمر لن تقبله حكومة إقليم كردستان".

يرى العديد من المسؤولين الأمنيين والسياسيين العراقيين في بغداد، الذين تحدثوا   أن التهديدات الإيرانية هذه المرة مختلفة عما سبق، ويجب الاهتمام بها، لأنها ربما تمهد لشيء أكبر من ذلك.

يقول مصدر مقرب من مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي،   إنه في الأيام الأخيرة كانت هناك اتصالات مكثفة بين المسؤولين الأمنيين الإيرانيين، والسيد الأعرجي، لحل هذه الإشكالية المتعلقة بالمعارضة الكردية الإيرانية.

وأضاف: "أستطيع أن أؤكد أن طهران عازمة هذه المرة على طرد عناصر المعارضة الكردية من كردستان العراق، لكن كيف يتحقق هذا الأمر، هذا ما يثير قلق كل من بغداد وأربيل".

وبحسب المصدر المقرب من قاسم الأعرجي، مستشار الأمن القومي العراقي، فإن الحكومة المركزية في بغداد تحاول تهدئة الأمور بين طهران وكردستان العراق، فيقول  "تصر إيران على أن المعارضة الكردية في كردستان العراق تخطط لمهام سرية مع الأمريكان في قاعدة الحرير، وهذه مزاعم تدل على خطورة الخطوة القادمة لطهران، لذلك من المهم والضروري أن تتدخل حكومة بغداد لتسوية هذا النزاع".

بينما يقول القادة الأمنيون الإيرانيون إن المعارضة الكردية الإيرانية التي تؤويها كردستان العراق كثفت استهداف الجنود الإيرانيين عبر الحدود، وبأن طهران لن تسمح باستمرار هذا الوضع، فإنه بالمقابل، وبحسب القادة الأمنيين الأكراد العراقيين الذين تحدثوا  فإن نشاط المعارضة الكردية الإيرانية ضد القوات الأمنية الإيرانية مازال محدوداً، ولا صحة للاتهامات الإيرانية الأخيرة، على حد قولهم.

يقول مصدر أمني في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إن "هناك شكوكاً كبيرة تقترب من اليقين، بأن المعارضة الكردية الإيرانية المتواجدة في أربيل تخطط للقيام بمهام تخريبية داخل الأراضي الإيرانية بمساعدة أمريكية وإسرائيلية، لذلك رأت القيادة الإيرانية أنه آن الأوان للتخلص من هؤلاء الإرهابيين، وعدم السماح لهم بالتواجد على حدود الجمهورية الإسلامية"، على حد قوله.

لكن المسؤولين الأمنيين والأكراد العراقيين يقولون عكس ذلك، في حديثه يقول مسؤول أمني كردي عراقي "الإيرانيون يخشون أن ينسحب الأمريكان من العراق، ولكن يبقون في كردستان العراق، لذلك يريدون التخلص من المعارضة الكردية الإيرانية والأمريكان في نفس الوقت".

وبحسب المسؤول الأمني الكردي العراقي، فإن حكومة إقليم كردستان بلغت قلقها الكبير من التهديدات الإيرانية الأخيرة للإدارة الأمريكية، "الأمريكان حتى الآن لم يتعاملوا بشكل جيد مع هذه التهديدات، أخبرناهم أكثر من مرة أنها تهديدات غير مسبوقة، لكنهم لم يتحركوا إلى الآن".

في نفس الوقت تخشى الحكومة المركزية في بغداد التهديدات الإيرانية أيضاً، يقول المصدر المقرب من مستشار الأمن القومي العراقي "هذه التهديدات تأتي في وقت حساس للغاية، العراق يستعد لانتخابات برلمانية صعبة، وهذه التهديدات الإيرانية من الممكن أن تزعزع أمن البلاد قبيل الانتخابات، لقد طلبنا من الجانب الإيراني التهدئة حتى تمر الانتخابات بسلام".

علق هنا