أي حوار يريد.. جمعة عناد ؟!

بغداد- العراق اليوم:

بطريقة مستفزة ومستهجنة رمى وزير الدفاع الحالي جمعة عناد المايكرفون امام حشد من الساسة والصحافين وصناع الرأي العام، بعد سؤال من مدير حلقة من حلقات الحوار الذي ينظمه مركز الرافدين، وراح يتهجم ويزبد ويرعد.

وقبل ذلك، وصف النظام الاستبدادي البعثي الذي كان هو جزءاً منه، بالنظام وأن هناك من أتى بالأمريكان لأسقاط النظام!

هذا الاندفاع وهذه اللغة المتعالية التي اعتادها الرجل، تظهر عكس ذلك في فيديو اخر لجمعة عناد نفسه، حيث يتحدث بلغة وديعة، محملة بعبارات التزلف والاحترام المبالغ فيه، فما يظهره مقطع فيديوي منشور على موقع اليوتيوب لهذا الوزير أمام المجرم صدام حسين.

نعرف، ان ضرورات حاكمة واستحقاقات لربما تكون ظالمة هي من دفعت بمثل هذا الرجل الى موقع وزير دفاع العراق، ونعرف ان الحكومات لعبة توازنات وأصوات داخل المجالس النيابية، لكننا نرى ان مثل هذا التصرف غير لائق ولا يمت لأدبيات الحوار الذي يطمح الجميع لأن يسود، وان نطوي تلك الصفحة التي يصفها الوزير بالنظام كشحاً، بعد أن دفعت بالبلاد نحو هاوية سحيقة لا يزال العراق يتلمس دربه للخروج منها.

ان هذا الأسلوب الرافض لمنطق الاختلاف ومنطق النقد ومنطق المساءلة انما يعكس حقيقة مخيفة، مفادها أن ثمة من لا يزال كهذا الوزير يفكر بطريقة اقصائية رافضةً الأخر، فتحاول تفرض رأيها بمنطق القوة. وهذا مؤشر خطير فعلاً ينبغي التصدي له، ومنع تحوله الى منهج في عراق يريد ان يرسخ مفاهيم الديمقراطية وانفتاح بيئة النقد والمساءلة الشعبية والرقابة الاجتماعية بشكل يمنع ظهور أي دكتاتورية أخرى وتحت أي مسمى.

فلا يمكن للزمن ان يعود للوراء، ولايمكن ان يتراجع العراقيون عن قيم الحرية والمساواة مهما كانت الأسباب والمبررات التي تساق الأن لتقبيح الواقع لصالح الماضي الذي نعرف انه أسود وقبيح جداً مهما جملهُ المجملون، ومهما تعصبوا له وهم قد يكونوا معذورين لأنهم جزء منه، لكنهم غير مخولين بالإطراء عليه او استفزاز العراقيين بذكرياته الأليمة الدامية.

أن الديمقراطية ليست وسيلة لايصال من يريد الى موقع المسؤولية، بل هي التزام متقابل، واشتراطات ينبغي الالتزام بها وحفظها وقبل ذلك الايمان بها، والا فأن المقولة الشائعة " محاربة الديمقراطية وحرية التعبير باستخدام  الديمقراطية وحرية التعبير ذاتها" ستصبح واقعاً يمهد للكثير من المأساة واعادة العراق الى الوراء – لا سمح الله- .

علق هنا