بغداد- العراق اليوم: لم تكن خلال العقود الماضية علاقة العراق بسوريا طبيعية، أو علاقة متزنة، ولعل الدارس لشكل هذه العلاقة سيعرف ان طيلة تولي حزب البعث في البلدين السلطة، كانت العلاقة عداوة تامة، ومقاطعة مطلقة تصل لحد التنكيل والتشهير والتفخيخ والتفجير حتى !. لذا فأنها لم تكن في أحسن حالاتها بعد 2003، أذ عمد النظام السوري الى تحويل حدوده مع العراق لبوابة ينفذ منها الارهابيون والمجرمون بدعوى محاربة الوجود الأمريكي، وكانت سوريا ملاذاً أمناً لكبار وعتاة البعثيين وقيادات النظام المجرم. ووصل الأمر الى اندفاع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي نفسه نحو المحكمة الدولية لتقديم شكوى علنية ضد النظام بعد تفجيرات 2009 في وزارة الخارجية وغيرها والتي اتهم فيها علانيةً النظام السوري بأنه يقف ورائها!. ومع التشدد الذي مارسه النظام السوري تجاه حكام بغداد الجدد، الذين حاولوا التودد له في أكثر من مناسبة، الا أنه مضى في عناد وتحالف عجيب مع قوى ارهابية وظلامية، وهي محاولات لدفع الشر الذي كان يتوقعه من الوجود الأمريكي. لكن الموقف العراقي الحسن، وموقف الدبلوماسية العراقية في رفض اجراءات عزل سوريا عن الجامعة العربية، والمحافل الأقليمية بعد تفجر أحداث 2011، كان ايجابياً، وفي الواقع موقف مسؤول جداً، لربما ساهم الى حد ما في تغيير الصورة لدى هذا النظام، لكنه في الواقع بقي نظاماً غارقاً في مشاكله واشكالاته، وماضياً في طريق الدفاع عن نفسه بأي ثمن وبأي طريقة متاحة امامه. لقد عارض كل من العراق والجزائر مراراً العقوبات ضد سوريا-وليس النظام- وتحفظ على الكثير من القرارات، لكنه لا يستطيع أن يتحول الى عراب لتقديم النظام السوري مرةً اخرى الى مجتمع دولي لا يزال يطالب هذا النظام بإصلاحات في بنيته واجراءات تكفل انهاء الحرب التي أنهت عقداً رهيباً من الدم والمأسي الكارثية. أن غياب سوريا عن مؤتمر بغداد ليس قراراً عراقياً، ولا رغبة عراقية، قد ما هو تحصيل حاصل لشكل اللبس والسوء الذي يعتري علاقات ذلك النظام مع المحيط والجوار والعالم. يأمل العراق قطعاً ان تحضر سوريا في شراكة مثمرة وان يعاد الحلم في سوراقيا جامعة، لكن هذا يتطلب تأسيساً على واقع جديد نظن انه ليس قريباً، على الأقل هناك في دمشق !.
*
اضافة التعليق