بغداد- العراق اليوم: لا تزال قمة بغداد الثلاثية مفتوحة على التأويل، وتثير شهية المحللين والباحثين الستراتيجيين لتفكيك مضامينها، والبحث معمقُا في مخرجاتها، وانعكاسات ذلك على الواقع العربي، والرؤية لمنطقة الشرق الأوسط برمتها، أذ ان ما بعد القمة (العراقية – المصرية – الاردنية) ليس كما قبلها، لاسيما أنها بدأت "سراً" على الأقل بتنفيذ خطواتها العملية على الأرض، ودخلت بعض بنودها مراحل التطبيق، لاسيما في مجال البنى التحتية والاقتصاد والطاقة. احياء الجسد العربي المتداعي ويرى مراقبون ومحللون، أن" قمة بغداد جرعة لتحفيز الجسد العربي المتداعي، وأعادت الاعتبار لحقل الدبلوماسية العربية المشتركة، وأيضاً لتجاوز مرحلة الشعاراتية الفارغة، الى الولوج عميقًا في الأزمة الراهنة، وسبل الخلاص منها". ويشيرون الى ان العراق " على سبيل المثال بقي معزولاً عربياً، وبقرار قوي لاسيما من بعض دول الخليج، التي كانت ترى في نظامه السياسي الجديد تهديداً لأمنها الأقليمي، وتمثيلاً للمصالح الإيرانية، ولكنه اليوم يتجاوز هذه العقدة وينطلق بوضوح في فضائه الإقليمي والطبيعي للبحث عن مصالحه". هوية العراق العربية ويرى الدكتور محمد السعيد إدريس، الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن " القمة الثلاثية (المصرية - الأردنية – العراقية) التي عقدت في بغداد الأحد الماضي، والبيان الختامي الصادر عنها، وما تضمنه من بنود مهمة عن التعاون والتكامل الثنائي والثلاثي، والحفاوة الكبيرة التي استقبل بها العراق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اعطت انطباعاً مهماً بأن العراق دخل فعلاً مرحلة الانعتاق من ارتهانه لمجريات الصراع الأمريكي- الإيراني، ومستقبل هذا الصراع". وأضاف "وقد زاد من هذا التفاؤل، حرص رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمي على التذكير بهوية العراق العربية عند افتتاح القمة الثلاثية، وتدوينه على «تويتر» ترحيباً بالعاهل الأردني والرئيس المصري، بقوله:إن «بغداد السلام والعروبة تستقبل اليوم بكل ود وترحيب ضيفيها الكريمين»، وإعلانه أمام القمة «الحاجة إلى عمل مشترك؛ من أجل ترصين وتوحيد المواقف؛ كي نعمل على مسار التنمية وتطوير المنطقة وشعوبها». قوة اقتصادية بشرية هائلة فيما رأى الكاتب والصحافي الاقتصادي، عدنان كريمة، أن "القمة قد حسمت «هوية العراق العربية»، وبما يؤكد استعادته لـ«الثقة العربية والدولية»، و كشفت كذلك عن دور محوري عربي وإقليمي لبغداد، تهدف من خلاله إلى السعي لبلورة مظلات تعاون عربية متعددة، تبعاً لموقعها الاستراتيجي وقربها الجغرافي. ويضيف " يبدو من خلال مناقشات القمة الثلاثية أن البلدان الثلاثة لديها دوافع شبه موحدة للانخراط الجاد في مشروع إقليمي للتعاون والتكامل، لمواجهة أزمات مالية واقتصادية واجتماعية هيكلية، لاسيما في ظل تحديات أمنية تتعلق بالتطرف والإرهاب العابر للحدود والذي تعاني منه دول المنطقة كافة. مع العلم بأن هذا المشروع الذي أطلق عليه «المشرق الجديد»، سيكون بوابة المنطقة والرابط بين الشرق والغرب، بين أوروبا وآسيا، وسيفتح آفاقاً واسعةً ليس في مجال الاقتصاد والسياسة فحسب. ويختم بالقول " تبرز أهمية هذا التكتل في أن دوله تشكل حالياً قوةً مجتمعية بشرية تزيد عن 160 مليون مستهلك، أي حوالي 45% من مجموع سكان البلاد العربية، وناتجها المحلي يصل 580.7 مليار دولار سنوياً..ومن الطبيعي أن تتضاعف قوتها، ويزداد ثقلها عالمياً، من خلال تعاونها المرتقب، مع تكتل دول مجلس التعاون الخليجي الذي يبلغ ناتجه 1.6 تريليون دولار.
*
اضافة التعليق