بغداد- العراق اليوم:
قال مسؤولون حكوميون وعسكريون عراقيون إن زعيم تنظيم "الدولة في العراق والشام" (داعش) أبو بكر البغدادي يفقد سيطرته على التنظيم الذي يعيش انقسامات داخلية والذي خسر عدداً من كبار قيادييه في غارات جوية استهدفتهم.
وتكبد التنظيم سلسلة من الخسائر الكبيرة في العراق، كما قُتل العديد من قياداته الميدانية والمسؤولين فيه المقرّبين من البغدادي.
وأوضح المسؤولون الحكوميون والعسكريون أنه مع إصابة داعش بالضعف وإجبارها على الخروج من معاقلها السابقة، حلّت حالة من اليأس والإحباط في صفوف مقاتليها، الأمر الذي أضعف التنظيم وقيادته على حد سواء.
وفي هذه الأثناء، تم رفع قيمة المكافأة المقدمة لقاء معلومات عن مكان وجود البغدادي ، ويساعد السكان المحليون الذين اشتدت عزيمتهم بفعل الانتصارات العراقية، في الإبلاغ عن عناصر التنظيم، فيعلمون القوات المحررة بأماكن تواجدهم ويقودونها إلى مخابئهم.
وأشار الخبير الأمني سعيد نعمه الجياشي في حديث لموقع امريكي، إلى أن داعش تشكو حالياً من مشاكل كثيرة تهدد بنيتها ووجودها.
وأضاف أن انقسامات داخلية شديدة هزت التنظيم، لافتاً إلى أن خلافات عنيفة تدور أحياناً بين المقاتلين المحليين والأجانب، مما أدى إلى تفكك التنظيم وقيادته.
وذكر الجياشي "تأكد ذلك لنا من خلال مراقبتنا لوضع داعش وقراءاتنا وتحليلاتنا لتسجيلات زعيمها ومنشورات أعضائها التي تعكس ضعفهم وفقدانهم القدرة على تدارك الأزمة".
وشدد على أن تنامي التعاون بين المدنيين والقوات العسكرية لعب دوراً كبيراً في وضع داعش في موقف دفاعي، مؤكداً أنه "لولا هذا التعاون لما حصلت كل تلك الانتصارات على العدو".
مكافآت لقاء معلومات
وقال الجياشي إن الحكومة العراقية هيأت عدة خطوط هاتفية مجانية (195 و130 و181) لتشجيع الأهالي على الإبلاغ عن خلايا داعش وتحركاتها، مضيفاً أن هناك "تدفق كبير" للمعلومات الاستخبارية من المدنيين إلى القوات الأمنية.
وتابع "نخوض حرباً مفتوحة مع داعش وكل أبناء الشعب وأجهزة الدولة في حالة استنفار وتلاحم للقضاء على أعضاء التنظيم ورأس الأفعى البغدادي".
يُذكر أن الدول الأعضاء في التحالف الدولي تسعى إلى الهدف نفسه، وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي رفع قيمة المكافأة المقدمة لقاء معلومات عن مكان وجود البغدادي من 10 ملايين إلى 25 مليون دولار.
وفي هذا السياق، لفت النائب العراقي عمار طعمه في حديث صحفي، إلى أن طرح مكافأة ضخمة لقاء تسليم البغدادي يزيد الشرخ في جدار الثقة المتصدع أساساً بين البغدادي وأعضاء تنظيمه.
واعتبر أن المكافأة ستكون "عاملاً جديداً لتعميق هوة الخلافات داخل التنظيم وإثارة شهية عناصره" الذين قد يفكرون في الوقوف ضد البغدادي، ولا سيما المقربين منه.
وذكر طعمه أن كل القيادات العليا في التنظيم معروفة بطمعها وحبها الشديد للغنائم والأموال.
داعش في حالة ʼانهيارʻ
وأكد طعمه أن القضاء على الرموز التي استخدمتها داعش في حملتها الدعائية مثل هزيمتها في دابق ، أثر أيضاً سلباً على صورة التنظيم وزعزع بالتالي ولاء عناصره.
وأكد أن "البغدادي وتنظيمه ينهاران تماماً"، مضيفاً أن الدعم الشعبي للعمليات العسكرية واحتراف قوات التحرير والتعامل الإنساني الذي أظهرته "سرّع وتيرة الانهيار".
ومن جانبه، قال العميد يحيى رسول المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية ، إن دائرة المحيطين بالبغدادي تضيق يوماً بعد يوم بعد قتل واعتقال أبرز قادته.
وأضاف أن الطيران العراقي قتل في 12 كانون الثاني/يناير قيادياً كبيراً من داعش مع عدد من معاونيه في غارة جوية استهدفت مخبأً للتنظيم في حي العامل وسط الموصل.
وتابع رسول أن المصادر الاستخبارية أكدت أن القيادي كان "على مستوى عالٍ من الأهمية".
ونوّه بأن "قيادة المجرم البغدادي لتنظيمه تضعف بسبب الخسائر البشرية الكبيرة التي لحقت بهم على يد قواتنا وتدمير العديد من مستودعات السلاح والذخيرة".
ولفت إلى أن القوات العراقية دمرت قواعد داعش واستهدفت دواوين الحسبة (أي الشرطة الدينية)، وذلك في ظل خسارة التنظيم للمال والعناصر.
وشدد "أؤكد جازماً أن داعش تحتضر وموتها قاب قوسين. أما عن الإرهابي البغدادي، فإن أجهزتنا الاستخبارية تتعقب مكانه وتحركاته".
البغدادي يعين خلفاً له
وفي هذا الإطار، كشفت تقارير إعلامية أن البغدادي عيّن أحد قادته، ولم يُفصح عن هويته بعد، لمنصب "خليفة" ليتولى زعامة التنظيم في حال اعتقاله أو مقتله.
وذكر رسول أن "هذه المعلومات حتى لو صحت فهي لا تعني شيئاً لنا. في نهاية المطاف، مصير البغدادي وكل من ينوب عنه ومساعديه القتل".
وبدوره، قال حسن شبيب السبعاوي عضو اللجنة الأمنية بمجلس محافظة نينوى ، إن داعش تنظيم متشعب تتسم العلاقات الداخلية فيه بالضبابية والسرية.
وتابع "وعليه، من الصعب تأكيد اختيار البغدادي نائباً له، لكن خطوة ملفتة كهذه إن تأكدت فهي تعكس مستوى الضعف واليأس الذي وصل إليه التنظيم".
وعبّر السبعاوي عن قناعته بأن البغدادي سيلقى المصير نفسه كسلفه أبو مصعب الزرقاوي، زعيم القاعدة في العراق الذي قتل في غارة جوية عام 2006.
وقال إن "دولة خرافته المزعومة بدأت تزول مع قرب تحرير الموصل".
وأوضح أن المجازر وسياسة الترهيب والتجويع التي مارستها داعش بحق المدنيين هي ما حفّز الناس على التبليغ عن خلايا التنظيم وعناصره لدى القوات الأمنية.
وختم قائلاً "يريد الناس الانتقام من هؤلاء القتلة والعيش بسلام".