بغداد- العراق اليوم: من منا لا يشاهد الحملات الدعائية المُبكرة، سواءً على الأرض، أو في العالم الافتراضي، ومن منا لا يرى التنافس على أشده، الكل يحاول ان يجد له موطئ قدم في انتخابات تشرين المقبلة، البعض يراها مفصلية، أخرون يرونها تأسيسية، وأخرون ايضاً محبطون، بعد أن بدأت الحجوم الانتخابية تظهر بشكل جلي. الحراك الشعبي الذي تقلص الى درجاتهِ الدنيا، لم يعد يملك ذلك البريق الآخاذ كما كان يفعل، الناشطون يعزون ذلك الى تشتت قوى الحراك، وتوزعها على جبهات متعددة!. البعض يرى أن " أصوات المقاطعة التي بدأت تعلو، هي لحفظِ ماء الوجه، البعض الأخر، يراها دعوات انتخابية مبكرة لحشد الناقمين، ومن ثم النزول من هذا المرتفع نحو الواقعية السياسية، ودعوة الجماهير الغاضبة لتضع أصواتها في قدور مقربة من هولاء". في طرف أخر، يرى محللون أن ثمة " نقصاً في النضج يمكن أن تكون وراء دعوات المقاطعة الحاسمة (غير القابلة للنقاش والتحاور ) والتي قد تعزل قوى الحراك عن المشهد، بعد أن استطاعت الحكومة الأنتقالية أن تؤسس لأرضية تنافسية مقبولة، عبر انتخابات مبكرة، ومفوضية مستقلة، وأيضاً، ضربات موجعة وغير متوقعة للمال السياسي النافذ، وكارتلات الفساد العميق". ويطالب الداعون للمقاطعة، بدراسة الخيارات الأفضل، التقليل من حجم " الراديكالية الطافحة" وحساب الحقل والبيدر بشكل أدق، فالسياسة ليست مواقف متصلبة، والمنافسة ليست بالتشكيك بالأخرين مقدماً، الثقة مطلوبة، والرؤية الثاقبة جزء من الدراية والحنكة". ويشيرون الى أن "مفترق تشرين الانتخابي، قد يؤدي الى مجلس نيابي تهيمن عليه قوى السلطة السابقة بكل اطيافها، وتعيد برمجة العملية مجدداً، أو قد يؤدي الى افتراق حاسم، وعزل فريقين أصيلين، موالاة ومعارضة، وبذا يمكن أن تنتج حياة سياسية بحدودها المقبولة، ويمكن أنذاك التعويل على استمرار الفاعل خارج المتن السياسي بالتطور والنمو والمبادرة والمباغتة، وصولاً لتأسيس نادي جديد لسياسي عراق ما بعد 2021، بمعنى أزاحة الجيل السياسي السابق، والحلول بمحله برؤية ديمقراطية تعددية وتنافسية". وسط هذا الجدل السياسي الدائر، يرى مراقبون من زاوية أخرى، أن " القوى التقليدية التي قد تخرج من المعترك هذه المرة، تستخدم قوتها السياسية وماكينتها الاعلامية، وترسانتها التنظيمية، للتصويب على الحكومة، وتستفيد من هذا الضغط الذي يمارسه ناشئو الحراك السياسي، وبذا فأن هولاء يوفرون خدمة لخصومهم السياسيين بشكل مجاني، لذا فأن عليهم الحذر من هذه اللعبة التي لن يكون فيها من خاسر، سوى هذه القوى، فالحكومة ممثلة برئيسها حسمت امرها، وصارت بمنأى عن جدل المنافسة، وحمى التنافس، وأخذت الحياد الايجابي لبناء ثقة انتخابية كافية على حمل رجل الشارع للذهاب نحو الصناديق والاقتراع بنزاهة وعدالة، واختيار من يراه مناسباً لخدمة غده، فالعجلة لن تعود للوراء، والقطار المتحرك لن يتفرمل مهما كانت مناسيب الراديكالية المتوارثة مرتفعة في مواسم الجفاف هذه"!.
*
اضافة التعليق