بغداد- العراق اليوم:
فيما سبق كنا قد اشرنا كصحافة متخصصة، ومراقبين للشأن الحكومي، الكثير، ورصدنا تغييراً استراتيجيا في تعامل هذه الحكومة التي يرأسها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع الملفات المطروحة على طاولتها، ومع التحديات التي تواجهها، فهذه الحكومة تريد أن (تكفر) بذلك الأرث الحكومي الثقيل، وتفتك بتلك الأعراف المتداولة، حيث كان المسؤول فيما سبق مصاناً غير محاسب، والمخطئ محمياً ما دام حزبياً، او متكئاً على هذه القوى أو ذلك المحور، بل أننا لمسنا بشكل دقيق كيف أن رئيس الوزراء قال أن " شعار مرحلته هو المساءلة للجميع، والقانون هو الفصل والفيصل، لا شيء من السياسة في تنفيذ برامج الحكومة، و لا أثر للنفوذات المتعددة في مسائل تخص الناس، وأمنهم وصحتهم وسيادة بلدهم". لذا رأينا أن الحكومة وفي غير مرة، سريعة الاستجابة، وقوية في التعامل، بل وصادمة أحياناً، وقد كان البعض يراهن على أنها ستتراجع هنا، او تنحني هناك، او تصمت في هذه القضية، ولكن كما يتضح أن كل هذه الرهانات قد خابت، فنحن أزاء متغير قد لا يعيه من اعتاد ان يقرن السلوك السياسي، أو يحكم العرف السائد في مثل هذه القضايا. فمع حادثة مستشفى ابن الخطيب الأليمة، رأينا أن رئيس الوزراء قال بصراحة أنه شكل لجنة تحقيقية، وأنه لن ينتظرها سوى 5 ايام فقط، فهو لا يريد أن يذهب الملف الى ( المجمدة) المسماة بتشكيل لجنة كما اعتادت الحكومات السابقة، وبالفعل فقد انجز الرجل الوعد، وصادق اليوم ومعه مجلس وزرائه على توصياتها القوية والحقيقية، والتي دقت ناقوس الخطر في أروقة الحكومات ومؤسسات الدولة، فاللجنة سمت الاشياء بمسمياتها، ووضعت الجميع تحت المساءلة، ولم ترضخ لأي ضغوط، ولم تراعِ أي طرف حزبي او سياسي، وهكذا رأينا اقالات وتنزيل درجات، وتوقيف مقصرين، وأيضاً انصاف للضحايا وذويهم. وعقب هذا التقرير، انحنى وزير الصحة حسن التميمي معتذراً، وغادر الحكومة، وسواء أكانت اقالة كما تقول المصادر، وتشيع الصحافة، وتتحدث المنتديات، حيث تم فيها حفظ ماء وجه الرجل الذي يتحمل مسؤولية ادبية واخلاقية عن الخرق في مؤسسة تتبع وزارته، أو كانت استقالة طوعية تحمل فيها الرجل المسؤولية الاخلاقية، وتحت تأنيب ضميره فضل ان ينزوي بعيدًا عن الموقع المتقدم في هذه الوزارة، في الحالتين يمكننا القول أن هذا الذي جرى هو درس بليغ، واشارة حمراء رآها الجميع، وجرس دق في آذان جميع مسؤولي الدولة، فلا افلات من العقوبة والمساءلة والمحاسبة بعد الآن، ولذا فأن وزراء حكومة الكاظمي بأجمعهم، اليوم في دائرة المحاسبة الشديدة ان حدث – لا سمح الله ولا قدر – اي خرق او تقصير او اهمال. نأمل ان تكون الرسالة وصلت، وأن نبدأ برؤية جديدة، من اجل تنشيط مفاصل الدولة، واستعادة الحكم الرشيد، والدولة الناجزة التي نبحث عنها، حلاً نهائيًا لمشاكلنا المتراكمة عقود وعقود.
*
اضافة التعليق