الكاظمي في أقوى موقف حكومي منذ 2003: ما حدث في ابن الخطيب ليس خطأ إنما جريمة ولن تمر دون عقاب، أياكم والقول أنه تماس كهربائي!

بغداد- العراق اليوم:

مرت على العراق مأس كثر، ومرت على شعبهِ الصابِر المظلوم فواجعُ وفواجع، ولم يعرف شعبُنا حتى مع وجودِ مُخلصين في مواقعِ القرارِ الراحة، نتيجة لتحالف قوى الفشل والفساد مع قوى التآمر والجريمة، حتى وان لم يكُن التحالف مُباشرًا او عمداً، بل هما متحالفان في استهدافِ الحياةِ العراقيةِ وتعكيرها.

مواجهةِ هذه القوى مهمة عصيبة وشرسة وطويلة ومعقدة، فأنت حينما تحارب قوى الفساد والتخريب والنهب، وقبلها تشتبك في معارك طاحنة مع قوى الإرهاب والدواعش والجريمة المنظمة وقوى اللادولة، وأنت في قمة انشغالك ودفاعكَ عن شعبِك، فأن " قوى الإهمال والفساد والفشل، وعدم الدراية، وعدم المبالاة بدقة الظرف، توجه لك طعنة من الظهر، بجهلهاِ، أو بنقص وعيها، أو بعدم مسؤوليتها،  فينبغي عليك حينها أن تكون محاربًا من اتجاهين، من خلفك ومن امامك".

لسنا في معرضِ تبرير لأي جهة، لكن هل يعقل أن يحدث ما حدث من فاجعة في مستشفى ابن الخطيب، وراح ضحيتها العشرات من ابنائنا بين شهيد وجريح، لولا أن هناك اخطاء قاتلة ونقصاً في الاجراءات وغياباً في المتابعة، أو حتى استهزاء ولا مبالاة بحياة الناسِ.

لا نريدُ ان نستبق التحقيقات التي ستكون هذه المرةِ مُختلفة وحازمة وسريعة، لكننا على ثقة ان اسباباً ربما تكون تافهة، او لربما مقصودة كانت وراء مثل هذه الفاجعة الأليمة، ولذا فأن مسار التحقيقات سيكشفُ المسؤولية المباشرة بدءًا من موظفي الخدمة الى ادارة ذلك المشفى، وصولاً  الى هرم السلطة في وزارة الصحة بأكملها، لا أحد فوق الشُبهات، ولا أحد فوق القانون، طبعاً مع احتفاظ كل جزء بحقهِ في الرد والدفاع عن نفسه، وأيضاً الاحتفاظ وفق القانون بتحمل جزء من المسؤولية بالقدر المناط به فقط.

اليوم يقول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أن عهد التبرير، والتسويف قد انتهى، وأن الأمور لا يمكن أن تبقى أسيرة ردود الفعل اللحظية المتأثرة، بل يجب ان يخضع النظام الخدمي والأمني واجراءات السلامة والوقاية للمراجعة، وهذا انتقال نوعي في تفكير الدولة في معالجة هذه الخروقات المقصودة او غير المقصودة، لا ندري، فالأمر منوط بالقضاء الذي سيتولى النظر في الملف برمته.

حوادث المستشفيات والقطارات والطائرات والطرق والكثير منها تقع بشكل شبه يومي وعلى مدار هذه الأرض، ولكن الذي نراه ونقرأه أن البلدان الناجحة والفاعلة، هي من تحول هذه الأخطاء الى محطات مراجعة شاملة، ومساءلة واسعة، تُساءلُ الفرد والمؤسسة والنظام الفني والإداري، ويخضع الجميع للتقييم.

الكاظمي في خطوة مهمة، قال في اجتماعه الطارئ الذي انعقد في الساعات الأولى من هذا اليوم،  أن "الحادث الأليم الذي وقع ليلة السبتِ في مستشفى ابن الخطيب حدث مؤلم ولهذا كان يجب أن نجتمع في الليلة نفسها وبهذه الساعة المتأخرة لنتحدث معكم ومع شعبنا بوضوح. الرحمة للأرواح التي زهقت نتيجة هذا الحادث الأليم، وجهنا باعتبارهم شهداء، كما وجهنا برعاية الجرحى على كل المستويات داخل وخارج العراق".  

وأضاف، "أقولها بصراحة الحادث هو مس بالأمن القومي العراقي، وهو نكسة بكل ما للكلمة من معنى ويجب أن لانترك مثل هذه الاحداث تمر مرور الكرام. مثل هذا الحادث دليل على وجود تقصير  لهذا وجهت بفتح تحقيق فوري والتحفظ على مدير المستشفى ومدير الأمن والصيانة وكل المعنيين إلى حين التوصل إلى المقصرين ومحاسبتهم".  

وتابع الكاظمي، "الإهمال بمثل هذه الأمور ليس مجرد خطأ، بل جريمة يجب أن يتحمل مسؤوليتها جميع المقصرين، ويجب أن يتم تدقيق الإجراءات الأمنية والوقائية لكل المستشفيات في العراق، وتشكيل فريق فني من كل الوزارات المعنية لضمان تدقيق إجراءات السلامة بجميع المستشفيات والفنادق والأماكن العامة خلال أسبوع واحد وفي كل أنحاء العراق".  

وشدد بالقول، "أي تهاون سنحاسبه بقوة.. اليوم نتيجة التهاون سقط شهداء أبرياء، غداً إذا تقاعسنا سيسقط آخرون.. يجب أن لا يقول لي أحد تماس كهربائي.. هذا أمر معيب، افحصوا كل سلك في كل دائرة عامة أو مستشفى، وأي دائرة تتحجج بالتماس الكهربائي سأحاسب الجميع فيها. أين جيش الموظفين للصيانة؟ أين الفنيين؟ أين الجهات الرقابية؟ أين أمن المستشفيات والوزارات والأماكن العامة".  

وبيّن قائلاً "لديكم توجيه واضح.. كل مدير عليه أن ينزل بنفسه ويدقق إجراءات السلامة وعلى وزارة الداخلية تهيئة فرقها المختصة لهذا الغرض، ولن أسمح أن يظهر مسؤول بالدفاع المدني يقول أرسلنا كتبا رسمية، اذهبوا بأنفسكم ودققوا وافحصوا إجراءات السلامة والوقاية".  

وطلب الكاظمي، كشف "نتائج التحقيق في حادثة المستشفى خلال 24 ساعة ومحاسبة المقصر مهما كان"، فيما وجه بـ "إعلان الحداد على أرواح شهداء الحادث الأليم".  

هذا هو الخطاب الذي يجب ان يسود، وهذا المنطق الذي طال انتظاره سنوات وسنوات، وأن مضينا في هذا الاتجاه، فلن نرى بعد الآن فواجع كأبن الخطيب وغيره، الرحمة والمغفرة لكل الشهداء، والشفاء العاجل للمصابين الابرياء.

علق هنا