بغداد- العراق اليوم:
أكدت أوساط برلمانيّة، أمس، أنّ تعديل العفو العام الجديد سيسمح بإعادة التحقيق في الجرائم التي ارتكبت قبل سقوط الموصل بعكس الجرائم التي ارتكبت بعد هذا التاريخ.
واعتبرت الفقرة الاخيرة من الأسباب التي أدت الى تغيير وجهة نظر البرلمان بتعديل القانون والقبول بمناقشته من حيث المبدأ بعد أن تم رفضه في جلسة سابقة.
لكنَّ أطرافاً برلمانيّة أخرى عزت تبدّل مواقف بعض النواب من قانون العفو الى اكتشاف "خطورة" النسخة التي تمّ التصويت عليها في أيلول الماضي.
ويتضمن التعديل الجديد شمول المزوّرين بدرجة مدير عام فما فوق بإجراءات العفو مقابل رفع مبلغ بدل المحكوميّة إلى 50 ألف دينار عن كل يوم. واستثنت التعديلات الجديدة جرائم الخطف بكافة أشكاله من أحكام العفو.
وانتقدت لجنة حقوق الإنسان، اللجنة المسؤولة عن تشريع قانون العفو، استثناء جرائم الخطف نظراً لإقدام أهالي بعض المدانين على بيع ممتلكاتهم لتعويض المتضررين.
صوّت مجلس النواب، منتصف كانون الثاني الحالي، على قبول مقترحات مشروع التعديل على قانون العفو العام من حيث المبدأ لمناقشتها والتصويت على فقراتها.
ومع بداية الفصل التشريعي الجديد، مطلع الشهر الجاري، ارسلت الحكومة التعديل الثاني لقانون العفو العام، رغم رفض البرلمان تعديل القانون مطلع كانون الاول الماضي.
وأدت انتقادات لاذعة وجهها رئيس الوزراء حيدر العبادي لقانون (العفو العام)، إلى تجميده بشكل مؤقت، رغم مرور نحو 5 أشهر على تشريعه. وينص القانون على دخوله حيز التنفيذ بمجرد تصويت البرلمان عليه.
وانتقد رئيس الوزراء (قانون العفو العام)، بعد أيام من إقراره، ووصف إضافات البرلمان على بنوده بأنها "إجرامية".
وقال العبادي ان "الحكومة ترفض هذا الموضوع وسنقدم تعديلا على هذه الفقرات". واضاف "استثنينا كل جرائم الاختطاف من العفو، لكن مجلس النواب قيدها، بأن لا ينشأ عنه قتل أو عاهة دائمة".
وأجرى البرلمان تعديلا على جرائم الإرهاب، التي استثنتها النسخة الحكومية من العفو، وذيلها باشتراط عدم تسببها بالقتل او العاهة او تدمير منشأة حكومية.
وحول هذا التعديل، قال العبادي "في حال شاهد رجل أمن إرهابيا يضع حزاما ناسفا فإنه يضحي بنفسه لتفكيك الحزام، وفي ضوء القانون سيطلق سراحه، لأنه لم يقتل ولم يفجر نفسه"!
وأقر مجلس النواب، في 25 آب الماضي، قانون العفو العام الذي شمل جميع المحكومين بالإعدام والعقوبات الأخرى باستثناء 13 فئة من الجرائم، منها: الجريمة الإرهابية التي نشأ عنها قتل او عاهة مستديمة، وجرائم الاتجار بالبشر وكل ما يندرج تحت عنوان (السبي) حسب ما يصطلح عليه عند الجماعات الإرهابية والتكفيرية.
ويتطرق القانون الى جرائم الخطف، التي نشأ عنها موت المخطوف أو مجهولية المصير، أو إحداث عاهة مستديمة، وجرائم الاغتصاب، وجرائم تهريب الآثار وجرائم غسل الاموال.
ودافعت اللجنة القانونية، وقتذاك، عن التعديلات التي أُجريت على مسودة (العفو العام)، معللة ذلك بأن نسخة الحكومة كانت تشمل "فئات محدودة جدا". واضافت اللجنة البرلمانية فقرات جديدة، اعتمادا على صلاحياتها المنصوص عليها بالدستور، بحسب بعض أعضائها.
وكان أكثر من 10 قضاة شاركوا لعدة أسابيع، مع الكتل السياسية ولجان برلمانية، لوضع اللمسات الاخيرة على قانون العفو العام.
وبعد 6 أيام من تصويت البرلمان، صادقت رئاسة الجمهورية على القانون. وهو ما أثار استغراب أطراف سياسية من استعجال الرئاسة في تمرير القانون رغم الاعتراضات الواسعة التي أثارها.
وقال النائب حسن توران، عضو اللجنة القانونية البرلمانية، ان "الصيغة الجديدة لقانون العفو العام أعطت مرونة للجرائم التي حدثت قبل ظهور داعش".
وأوضح النائب توران ان "القانون سيسمح بإعادة التحقيق بالجرائم التي ارتكبت قبل 10 حزيران 2014"، في إشارة الى تاريخ احتلال تنظيم داعش لمدينة الموصل، وعدد من المحافظات المجاورة. واضاف النائب "إذا ثبت ان الاتهامات كانت بسبب دعوى كيدية او عن طريق المخبر السري او انتزع اعترافات المتهم بالقوة".
ولن تشمل أحكام العفو الجرائم التي حدثت بعد سقوط الموصل لأي سبب كان. وأكد النائب توران ان "الفقرة الخاصة بإعادة التحقيق كانت سببا لكي يغير البرلمان رأيه بالتصويت لصالح المضي بتعديل القانون".
ولفت عضو لجنة القانون الى ان "التعديل تمت قراءته للمرة الاولى، وهو الآن في طور المناقشة داخل اللجنة، ثم سيعرض في وقت قريب للقراءة الثانية".
لكنّ النائب عبد الهادي السعداوي، عضو كتلة دولة القانون، قال ان كتلته "ترفض بشكل قاطع إعادة التحقيق، لأنها سـتؤدي الى ضياع الادلة وتهديد الشهود".
وقال السعداوي انه "يمكن اعادة المحاكمة في بعض القضايا، لكن اعادة كل التحقيق سيؤدي الى الافراج عن كل المتهمين".
وأعرب النائب عن اعتقاده بأن قبول البرلمان لتعديلات قانون العفو كانت "بسبب معرفة النواب خطورة القانون الذي تم تمريره سابقا، وبانه سيفرج عن قتلة وإرهابيين".
وكان مجلس القضاء الاعلى قد قال، قبل أُسبوع، ان اللجان القضائية المركزية المشكلة من المجلس شملت ٧١٦٨ معتقلاً بالعفو العام حتى الآن.
بالمقابل يقول النائب حسن توران ان وزارة العدل لم تفرج إلّا على 380 محكوماً منذ لحظة نفاذ القانون حتى يوم 12/1 /2017.
ورأى توران ان "هذا الرقم قليل جدا نسبة الى الأعداد الكبيرة المتوقع ان يشملها العفو"، معتبرا ان "هناك ضعفاً في إجراءات الإفراج".
وعن بنود التعديل الجديد لقانون العفو العام، يقول عضو اللجنة القانونية ان "التعديل شمل كل مدير عام فما فوق في جرائم تزوير المحررات، لكنه زاد شراء مدة المحكومية المتبقية من 10 آلاف الى 50 ألف دينار لليوم الواحد".
ولفت الى ان "التعديل تمسك بعدم شمول مرتكبي جرائم الخطف بكل ظروفها وبدون اية استثناءات"، مشيرا الى ان التعديل ينص على سريانه بأثر رجعي على المشمولين بأحكام من تاريخ 25/8/2016.
في غضون ذلك، انتقدت أشواق الجاف، عضو لجنة حقوق الانسان، النسخة الجديدة من تعديلات العفو العام.
وأكدت الجاف ان لجنتها "ترفض التعديلات الجديدة". نافية علمها بالأسباب التي دفعت البرلمان لقبول التعديلات "رغم ان ممثلي كل الكتل اعضاء في لجنة حقوق الانسان ولم يعترضوا حينها على القانون بالصيغة التي شرع بها".
ورأت عضو لجنة حقوق الانسان ان "إلغاء شمول مرتبكي جريمة الخطف، ممن لم يتسبب بعاهة او اضرار للشخص المختطف، تسبب بأضرار لعوائل كثيرة باعت منازلها وكل ممتلكاتها على امل تعويض اصحاب الدعوى وإخراجهم ذويهم من السجون".
واعتبرت عضو كتلة الديمقراطي الكردستاني ان "شمول المزورين من درجة مدير عام فما فوق بالعفو يعطي مؤشرا على ان المادة كتبت خصيصا لإخراج بعض الاشخاص من السجون".