بغداد- العراق اليوم: مازن الحيدري احد الامراض التي لم نكن نسمع بها سابقا أو ربما كان غير مشخص بشكل دقيق كما الان ، واغلب الظن هو نفسه الخرف الذي يصيب كبار السن حيث درج اهلنا على اطلاق صفة المخرف على الشخص الذي تكون ذاكرته مشوشة وتضعف بشكل كبير الى حد يفقد فيه القدرة على ربط الوجوه بالأسماء حتى لأقرب الناس أليه !! يوصي الأطباء باجراء اختبارات وتمارين خاصة وتناول اطعمة محددة تساعد على المحافظة على النباهة وكفاءة خلايا الدماغ الكثيرة والتي تشير التقارير والبحوث الطبية الى ان الانسان لايستخدم سوى جزء بسيط من هذه الخلايا التي من الممكن ان تستوعب اضعاف ما نتخيل من الصور والارقام والاسماء والذكريات .. خطر في بالي هذا الصباح إعداد تمرين لتنشيط الذاكرة وذلك من خلال استذكار او استحضار رائحة وعطر الأماكن !!! كانت رائحة حضرة الامام الكاظم حيث كانت ولادتي وبعضا من طفولتي بالقرب من الصحن مازالت حاضرة في ذاكرتي كمزيج بين رائحة الحلوى المنثورة فوق الرؤس مصحوبة بالهلاهل التي تعلن تحصيل المراد ممزوجة بعطر ماء الورد ، مما يجعل كل الزائرات الملفحات بالعباءات السود يحملن نفس الرائحة ،، ثم تعرفت على عطر شارع المتنبي الذي كان مزيجا بين رائحة الخبز المنبعثة من المخبز العسكري عند مدخل الشارع قرب سوق السراي الذي لاتفارقه رائحة قدر الكبة العملاق ،، وباتجاه شارع الرشيد تحضر رائحة الكتب والورق وانت تجتاز محلات المجلدين التي تعبق برائحة الصمغ الابيض الذي يدعونه غراء والشريس ذو اللون الاصفر ، ولا يقتصر عطر المتني عند ذلك بل يتعدى ليحتوي رائحة الجلود وخاناتها وبين كل هذا الخليط لا تغيب رائحة شيش الگص وكباب الاخلاص المرتبطان بشخصية زاير !!! وليس بعيدا عن المتنبي فأن رائحة كعك السيد في الحيدرخانة لا تنتسى وقريبا منها يفوح شربت زبيب الحاج زبالة المصحوب بقطعة الكيك الممتليء بالهيل ،،، لكل مكان عطر خاص او مميز ارتبط بذاكرتي ، فشوارع الوزيرية تفوح بالشبوي ، والكسرة تفوح منها رائحة الكاهي ، وعند الامام الاعظم كانت رائحة مناقل الفحم وشي الكباب والتكة لا تنقطع كل مساء لتستمر حتى ساعات الفجر ،، خلال سني دراستي في المتوسطة الغربية تعرفت الى عطر يرتبط بمنطقة الكرنتينة ،، رائحة جبس البطاطا المقرمش المالح باللون الاصفر او الكهربي ،،، تلك الرائحة التي لاتفارق ذاكرتي مازالت محشورة في خانة العطور التي تَدِلُّ على المكان .. تمارين الصباح مفيدة ، وتمارين الذاكرة مهمة وخصوصا واني بدأت اتوهم حين انادي (حمص ) كلبنا الجميل مستخدما اسماء اولادي الذين لا يفارقني عطر طفولتهم مهما كبروا ! كاليفورنيا مقالات مع قهوة الصباح ٢٣ كانون الاول ٢٠٢٠
*
اضافة التعليق