بغداد- العراق اليوم: في الجنوب المحتج منذ أشهر، وتحديداً في الناصرية مركز محافظة ذي قار، لم تنفع المحاولات المتلاحقة من الحكومة السابقة ولا الحكومة المحلية هناك في تهدئة الشارع الساخط على كل الأحزاب، ولم يكن أمام الجميع سوى الانحناء ريثما تمر العاصفة، لكنها لم تمر بهذه السهولة، وعجزت الدولة وقتها في إيجاد حل لتهدئة الشارع الغاضب، حيت ان " كل الوعود مرفوضة، وكل الشعارات مخادعة كان الشارع يرد على كل المبادرات"، ولم يجد الجميع (نعني قوى سياسية وحزبية) من بد للبحث عن وسيلة للحل، فكان خيار الوسطية هو الخلطة السحرية، فقد نجح أخيراً رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الوطني المستقل، أن يعيد الأمور الى مجاريها بعد أن قبله الشارع هناك، كوسيط وطني محايد، لديه نزوع عراقي واضح، وقد نجح الرجل في احتواء المطالب، وإيقاف هدير المدافع، وأزيز الرصاص الذي ارق الجميع هناك، وها هي لجنة خلية الأزمة التي اوفدها الكاظمي الى ذي قار، تنجح في اعادة المياه الى مجاريها، وأستعادة الأمن والنظام دون أن تراق قطرة دم واحدة، بل كانت معالجات موضوعية وحلول وطنية، ومبادرات لحقن الدماء، وهكذا بدأ الشارع يتفاعل وينفعل مع حلول الحكومة، وهو بوعي وطني متقدم لواقع البلد، وأزماته المتلاحقة، لذا فأن مبادرات الكاظمي وطرحه الواقعي وحلوله الصعبة بعض الشيء تلقى تجاوباً واضحاً من الشارع. في المنقلب الأخر، يطل متظاهر كردي غاضب في السليمانية، وهو يردد بلغته الكردية الجبلية المتفجرة، أنه " لايثق بكل احزاب كردستان، أنه لا يثق بهولاء السراق والقتلة، أنه يريد بغداد، انه يريد ان يعود لحضن العاصمة، وأن يعيش مواطناً تابعاً لها، لا تابعاً لعائلة او جماعة مسيطرة هنا بقوة السلاح"، فيما لا يتردد نائب كردي مستقل من خارج منظومة حزب الاتحاد (الطالباني) والديمقراطي ( البرزاني)، في دعوة السيد الكاظمي للتدخل وبسط سلطة الدولة في الأقليم، ويطالبه علناً ان يستعيد الدولة في هذا الجزء من العراق، وأن مواطني الأقليم يثقون به ويثقون بقدرته على حل ازماتهم خارج هذه السطوة التقليدية التي حولت اكثر من 3 مليون مواطن كردي الى مجرد تبعية لهذه الأحزاب التي تستولي على مواردهم وأموالهم بقوة السلاح، وتحرمهم من استحقاقاتهم المعاشية تحت شعارات الأقليم والحلم الكردي الكبير وغيرها من الأيدولوجيات التي أسقطتها دماء متظاهري الناصرية من قبل وها هي دماء متظاهري السليمانية الزاكية تسقطها، في وقت العالم يتقارب بعضه مع البعض الأخر، فما فائدة البقاء اسيراً لتلك السطوة القبلية الفاشية النزعة والتوجه.
*
اضافة التعليق