خطاب الكاظمي الأخير ..صوت عالٍ ومواجهة لاتنقصها الصراحة، ووقائع صدًقها المواطن العراقي البسيط مباشرة ..

بغداد- العراق اليوم:

حسناً فعل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أمسِ الثلاثاء، حين أطل في مؤتمر صحافي أخر، ضمن سلسلة المؤتمرات الصحافية القليلة التي عقدها منذ تسنمه مسؤوليته، وكان الرجل يطبق حرفياً مقولته بأن " حكومته ستكون حكومة أفعال، لا أقوال"، بمعنى أنه يريد أن يترجم ما يود صنعه لأفعال تشخص، من غير الحاجة الى الشروحات المستفيضة، أو التنظيرات التي شبع منها المواطن، وسأمها بعد أن صارت تتكرر  بلا فائدة مع أطلالة كل مسؤول حكومي، فالفعل لا يحتاج الى شهادة أو شهود مثل الكلام.

لكن الحاجة لمؤتمر الكاظمي، الذي أطلق عليه مواطنون عراقيون، بأنه " جزء من حقهم في معرفة كواليس ما يدور في الأروقة الضيقة لرئيس الوزراء والكتل السياسية"، كان في الحقيقة ضرورياً في ظل تكالب قوى اعلامية واجندات داخلية وخارجية على نشر خطاب الأحباط والتخويف في الشارع العراقي، وتحول بعض الإعلام الحزبي الى دعاية صفراء تستهدف أطلاق بالونات اختبار لجس نبض الشارع، حيث كان الكاظمي ذكياً، حين دعا هذه الجهات الى انفاق الأموال المخصصة للدعاية المضادة، الى حملات علاقات مع الشعب العراقي، لتحسين صورتها المهتزة، فحين تسقط لا يمكنك الخروج بأسقاط الأخرين معك، قدر ما عليك أن تسعى لأن يساعدوك وتتخلص من أسباب كبوتك وسقوطك.

المؤتمر الصحافي غير المسبوق بلغة خطابه الصريحة، والمكاشفة الواضحة مع الشارع العراقي، كان في الحقيقة في محله وتوقيته تماماً، حيث أن الرجل فكك الغاز الإشاعات الثلاث (إشاعة الإتقافية الصينية المزعومة، وميناء الفاو، والاستعمار السعودي )!

ففي الأتفاقية الصينية التي يُزعم البعض أن حكومة الكاظمي الغتها، أتضح أنه لم يكن هناك اتفاقية من الأصل، إنما كانت هناك مذكرات تعاون مشتركة بين الجانبين، وثمة المعلومة كشفها الكاظمي من بين المعلومات المفاجئة التي كشفها امس، هي ان حكومة حيدر العبادي هي التي بدأت هذه المذكرات، وهي التي ووقعت أغلبها، وإن حكومة عبد المهدي المُستقيلة، تولت ابرام " بعضها"، لكن الشيء المهم الذي إتصح أمس، هو إصرار الكاظمي الواضح على تحويل هذه المذكرات الى أتفاقية حقيقية وفعلية، تخدم ملف الأعمار والبناء والتحرر في القرار الأقتصادي في البلاد.

ملف الفاو الكبير

أما الأمر المفاجئ الذي عرض امس، فهو الخاص بمشروع ميناء الفاو الكبير، والذي فاجأ به الكاظمي كل  الحضور، حين كشف بأن ملف الفاو موجود على الطاولات الحكومية منذ سبعة عشر عاماً، لكن هذا الملف لم يفتح بيد أي من الرؤساء السابقين، فالجدية كانت غائبة عن هذا الملف طوال هذين العقدين من الزمن، وعلى أختلاف الحكومات المتعاقبة، ففي الوقت الذي كان يمكن إنجاز مشروع الميناء في غضون عامين، لم تسعَ أي حكومة من الحكومات السابقة لإستكماله خلال هذه الفترات الزمنية الطويلة.

بينما حكومته تقدمت بأصرار وقوة الآن لانجاز مالم ينجره قبلها أحد، مؤكد أنه حدد 45 يوماً فقط لإبرام الاتفاق النهائي والمباشرة بالعمل في هذا الميناء.

 (الإستعمار) السعودي !

في ملف (الاستعمار) السعودي الذي تلهج به بعض (وسائل الاعلام) يكشف رئيس الوزراء بوضوح أكثر وصراحة وشجاعة أنه " مع الاستثمار شرقياً كان أم غربياً، مع كل مستثمر يأتي بأمواله ليضعها في العراق، راغباً في أن يخلق فرص عمل للعراقيين الذين يجبون الأرجاء الأن بحثًا عن فرصة عمل، فكيف يتحول الأستثمار الى استعمار، وكيف يريد هولاء ان يلعبوا على مشاعر الناس، ويوهموهم بأنهم يخشون على سيادة العراق وخيراته، وهم الذين أضاعوا ما أضاعوا من الأموال والفرص الثمينة، فلا يمكن أن يصدقوا مع الشعب او ان يصدقهم  مهما حاولوا، فيما ستظل ابواب العراق مفتوحة لكل مستثمر حقيقي يريد أن يعمل وينمي قدرات شعبنا ويعطيه المزيد من الأمل بعد أن شح هذا الأمل ".

أن خطاب الكاظمي الأخير، أخذ حيزاً من أهتمام الشارع العراقي، وبالفعل كان الكلام خارجاً من القلب وداخلاً لقلوب العراقيين الذين لم يعهدوا مكاشفةً ووضوحاً بهذه النسبة من الحكام في كل عهودهم المتتالية، سوى في عهد طيب الذكر الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، لذلك صدقوا ما قاله اهم الكاظمي امس مباشرة ودون حاجة لأدلة !

وللحديث صلة..

علق هنا