بغداد- العراق اليوم:
عدا الوضع الأمني السيء الذي يعيشه العراق، والظروف المالية القاسية التي يمر بها العراقيون وحكومتهم، خاصة وإن الموظفين والمتقاعدين لم يتسلموا رواتبهم لحد الان، وعدا الظروف السياسية المتوترة التي تعيشها المؤسسات والقوى السياسية في العراق، إلاً أن مشكلة أخرى حطت على رؤوسهم غير كل هذه المشاكل، حيث نشرت مجلة "ذا إيكونوميست" الاسبوعية التي تصدر من العاصمة البريطانية لندن تقريراً مفصلاً عن الاوضاع بالعراق في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد. إذ قالت المجلة في تقريرها أن العراق أصبح "محطماً لدرجة تمنعه من حماية نفسه حتى من وباء فيروس كورونا". ويُعتقد أن آلاف الأطباء والقائمين على دور الرعاية الصحية في العراق أصيبوا بفيروس كوفيد -19. ونقلت المجلة عن مدير أحد المستشفيات في جنوب العراق، طارق الشيباني، قوله "حتى ولم يقتل الوباء الأطباء، فرجال العشائر سيفعلون ذلك". وتابع "في كل مرة يموت فيها مريض، نحبس جميعًا أنفاسنا خوفا من ردة فعل أقاربه". وقبل نحو شهر، توفي شاب من قبيلة الحسناوي في المستشفى الذي يديره الشيباني بسبب إصابته بكوفيد -19. وفي تلك الليلة، عندما غادر الدكتور الشيباني عمله، ضربه 20 من أقارب القتيل حتى فقد وعيه. وعكس أغلب الأنظمة العربية، التي آثرت الإغلاق العام لمواجهة جائحة كوفيد -19 تخلى العراق عن عمليات الإغلاق منذ فترة طويلة. وبينما يرى بعض الرجال أغطية الوجه على أنها إهانة لرجولتهم، تبدو الحكومة عاجزة عن فرض التباعد الاجتماعي أو ارتداء الأقنعة، كما أن لديها القليل من المال لتنفقه على الخدمات الصحية التي دمرتها الحرب والفساد. وتقول المجلة انه في غمرة الوباء، لا يزال رجال الدين ينظمون تجمعات جماهيرية ضخمة وهو ما زاد الطين بلة. وبحسب الأرقام الرسمية، أصاب الفيروس أكثر من 350 ألف عراقي وتوفي أكثر من 9 آلاف. وهذا بالتأكيد أقل من العدد الفعلي، وفق "ذا إيكونوميست". وفي العراق يوجد اليوم، عدد أقل من أسرة المستشفيات والأطباء عما كان عليه قبل عام 2003، على الرغم من تضاعف عدد السكان تقريبًا. وقلة الأطباء راجعة إلى هروب أغلبهم إلى الخارج وفق المجلة نفسها. وهرب نحو 20 ألف طبيب إلى الخارج، كما تقول نقابة الأطباء العراقية، بينما أضرب العديد من الذين بقوا في الآونة الأخيرة بسبب ظروف العمل السيئة ونقص المواد الأساسية، مثل الأقنعة ومواد التعقيم. كما يعاني مديرو المستشفيات من نقص شديد في الموظفين لدرجة أنهم يخشون السماح للأطباء المصابين بدخول الحجر الصحي. وفي الوقت نفسه، فإن انخفاض الإيرادات الناجم عن انهيار أسعار النفط يعني أن الحكومة ليس لديها المال لتوظيف الآلاف من خريجي الطب. لذلك، اقترح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عليهم التطوع، بينما ترى صحيفة "ذا إيكونوميست" أن أكثر ما يمكن أن تفعله الحكومة للمتخرجين المتطوعين "هو حمايتهم من رجال القبائل الغاضبين".
*
اضافة التعليق