العراق "يميني" ولا "يساري" فيه!

فالح حسون الدراجي

 

افتتاحية جريدة الحقيقة:

الحمد لله، أصبح العراق يمينياً من زاخو لحد الفاو، والحمد لله بات الشعب العراقي اليوم يمينياً بعربه وكرده وأقلياته -مع إني أكره كلمة الأقليات وأمقتها- والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، تخلص العراق من جميع اليساريين، ولم يعد لهؤلاء اليساريين (الكفرة) الذين يؤمنون بالعدالة والمساواة والإشتراكية مكان في العراق، رغم أن (العظيم) علي بن أبي طالب، ومعه أصحابه أبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وبقية الصفوة في الإسلام كانوا أوائل الإشتراكيين في التاريخ!

أما كيف أصبح العراق خالياً من اليسار واليساريين، وكأنهم الطاعون أو الملاريا، وكيف أصبح (الستيرن)  بين ليلة وضحاها على جهة اليمين مثل سيارات لندن؟

 وقبل ان أجيب، وقف أحد الزملاء يرد عليً بسؤال يقول فيه:

- ( لعد) أين مضى آلاف المثقفين والمفكرين والاساتذة اليساريين؟

ثم أكمل سؤاله بسؤال آخر:

وأين ذهبت الجماهير اليسارية الوطنية التقدمية، وأين اولئك العمال المهرة، والقادة النقابيون،

والنجوم اللامعة من الرياضيين، والكوادر الأكاديمية الرياضية؟

وأين أصبح الضباط (الأحرار) والقادة العسكريون المضحون،

وكيف تلغي بجرة قلم آلاف الشباب الذين كانوا اول من أضاؤوا بدمائهم وعنفوانهم ساحات التظاهر والمطالبات الشعبية في بغداد ومدن العراق؟

ثم يكمل سؤاله بالقول:

اليسار يا صاحبي باق رغماً عنك وعني،كما أن الأفكار والإتجاهات الأخرى باقية أيضا، ولا أحد يلغي أحداً، فزمن الإلغاء إنتهى، واليسار بشيوعيه وديمقراطييه وتياراته المدنية والعلمانية باق، والقضية ليست حسب مزاجك!

وأختتم سؤاله قائلاً:

ما هي دلائلك على أن العراق بات يمينياً، ولم يعد فيه يساري واحد؟

قلت له:

ساجيب على جميع اسئلتك هذه بجواب واحد فقط..

قال:

وما هو هذا الجواب؟

قلت إسأل السيد الكاظمي قبل أن تسألني وأنت تكاد تفقد أعصابك، وقل له:

هل ثمة يسار ويساريون وعلمانيون ومدنيون وديمقراطيون في العراق، فإن قال لك كما قلت لك، فهذا يعني أن جوابي  صحيح ، ولم ارتكب ظناً سيئاً في تصوري، أما إذا قال لك غير ذلك، وأعترف بوجود شارع يساري مدني ديمقراطي واسع يضم الشيوعيين ومن مشى على طريقهم الوطني الدبمقراطي المدني، فأرجو ان تسأله :

لعد ليش ما رشحت واحد من اليساريين في كابينتك الحكومية وكذلك في الكابينة الملحقة التي ضمت اليوم مرشحين عن جميع قوى المحاصصة والحمدلله ، حتى أن محافظ البنك المركزي الجديد والذي تم ترشيحه اليوم قيل أنه متعاطف مع اليسار،  ولكنه ظهر بعد التدقيق أنه إبن (بعثي) كبير، هارب الى عمان - والله أعلم - !

 

علق هنا