بعد ان كانوا ملوك السوق ..اصبح مقاتلو داعش اليوم سلعة رخيصة لايشتريها أحد !!

بغداد- العراق اليوم:

في عالم اقتصاديات الحرب الموحل بسوريا، كان تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أحد المحركات الرئيسية للاتجار في البشر خلال نحو 6 سنوات من الحرب الأهلية. في البداية، كان التنظيم هو المشتري الأكبر؛ والآن أصبح مقاتلوه أهم سلعة يتم تداولها.



نقل تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن أبويزن، الذي طلب عدم ذكر اسمه نتيجة لحساسية الوضع على غرار معظم من أجرت الصحيفة البريطانية لقاءات معهم، نقل عنه قوله: "يتولى كل فصيل الاتجار في مقاتلي داعش. ولا تصدق من يقول إن ذلك محض افتراء".

وبصفته مقاتلاً في شمال سوريا ضمن قوات الجبهة الشامية المعارضة التي تدعمها واشنطن، فقد تولى نقل مقاتلي داعش من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها (وانتزعت منهم) إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، بحسب الصحيفة.



وفي أوج قوة تنظيم داعش بين عامي 2013 و2014، كان التنظيم هو الذي يسيطر على عمليات الاتجار في البشر، حيث يقوم مجرمون وبعض الفصائل ببيع الرهائن – خاصة الصحفيين وعمال الإغاثة – إلى عناصر التنظيم.

ويُعتقد أن تنظيم داعش قد حقق ملايين الدولارات مقابل الفدية التي يحصل عليها جراء تسليم الرهائن الأوروبيين، بالإضافة إلى ذبح آخرين في مقاطع فيديو منحت التنظيم سمعة عالمية سيئة للغاية.

 

التحول إلى فريسة

 

لكن بينما يفقد التنظيم السيطرة على المناطق الخاضعة له لصالح قوات التحالف الدولي وقوات محلية في أنحاء العراق وسوريا، أصبح مقاتلو التنظيم فريسة للبيع بالسوق السوداء.



كما يمكن أن يجني المهربون أرباحاً مادية من مقاتلي داعش المنشقين أو الذين يتم القبض عليهم بعدة سبل.

تتمثل أكثر تلك السبل شيوعاً في قيام المنشق بسداد مبالغ مالية إلى المهربين لترتيب عملية تهريبه من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش.

أما أكثر الفرص ربحية فتتمثل في القبض على أحد مقاتلي داعش الأجانب، الذي ترغب حكومته في استعادته وعلى استعداد لسداد فدية مقابل ذلك.



يبرز أحد الأسماء الشائعة في هذا المجال وهو أبوعلي سيجو، أحد أعضاء الجبهة الشامية، وتقول المعارضة - بحسب "فايننشال تايمز" - إنه قد حقق الملايين من خلال سيطرته على معبر باب السلامة الحدودي بين سوريا وتركيا.

ويقول سيجو إنه أعاد بعض المقاتلين العرب دون مقابل. ومع ذلك، يصر زعماء معارضة آخرون على أنه قد حصل على مبالغ مالية طائلة مقابل تسليم هؤلاء.

 

محتجزون أجانب





يدخن سيجو النرجيلة وينتقل بين أجهزة آيفون متعددة كي يسحب ملفات كان قد قام بإعدادها عن نحو 100 مقاتل يحتجزهم من تنظيم داعش.



ويقول: "لديّ محتجزون من باكستان وأوكرانيا.. وكان لدينا امرأة فرنسية".



ويصر سيجو على أنه يعرض تسليم الأسرى الأجانب إلى حكوماتهم دون الحصول على أي مقابل. ويقول: "الحقيقة أن تلك الحكومات عادة لا تريد استلامهم. أخبرهم بأن لديّ مجموعة من الأشخاص فيأتي الرد بأنهم لا يريدون سوى هذا الشخص أو ذاك".



ويذكر البعض أن المهربين يتقاضون بضعة آلاف من الدولارات لمجرد العبور من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش إلى مناطق المعارضة.



ويذكر أحد المشاركين في عمليات الاتجار: "تختار البلدان الشخص من الفصيل الذي تتفاوض معه لتسلم الرهينة. وهناك بلدان تدفع مقابل ذلك. وعادة ما يختلف المبلغ الذي يتم سداده مقابل تسليم مقاتل أجنبي، ولكنه لا يقل عن 50 ألف دولار".



ويزعم سيجو أنه تلقى عرضاً بمبلغ طائل مقابل تسليم سجينين عربيين حاصلين على الجنسية الأميركية.



ويقول: "كانوا يريدون أن يسددوا لي 10 ملايين دولار. لكني رفضت.. كان الأمر من خلال وسطاء ولم أرد أن أفسد الصفقة. وأخيراً سلمتهما – دون مقابل – حيث تم تسليمهما مباشرة إلى الدولة".



ويذكر معارضون آخرون أنه امتنع أملاً في الحصول على سعر أعلى – أو أنه احتفظ بالسجينين لفترة أطول انتظاراً للعرض الذي تقدمه دولة أخرى.



الاتجار في سجناء تنظيم داعش لا يتعلق دائماً بالمال، بل يمكن أن يرتبط بالنفوذ السياسي والمكاسب الاستراتيجية.



ويذكر أحدهم أنه "يمكنك الاحتفاظ بسجين من أجل الحصول على معلومات. وهكذا توضح لوكالة الاستخبارات الأجنبية أن لديك معلومات وأنك ذو قيمة كبيرة لديهم".



وعلاوة على عمليات الاتجار بالبشر، وحسب "فايننشال تايمز"، فإنه يوجد نحو 10 مبادلات يومية تجري بين قوات المعارضة، بحسب أحد المقاتلين من جماعة أحرار الشرقية التي تشارك في الهجوم من أجل استعادة مدينة الباب الخاضعة لسيطرة داعش.



ويصف حالة وقعت مؤخراً، حيث ألقى الجهاديون القبض على أحد زملائه وتمكن أفراد المعارضة من استعادته من خلال عملية تبادل سجناء معقدة. وكان تنظيم داعش يريد سجيناً يحتجزه فصيل آخر طلب في البداية أن يسلمهم مقاتلو "أحرار الشرقية" رهينة أفضل في المقابل.



ويقول: "في النهاية سددنا مبلغاً مالياً للحصول على السجين الذي لديهم. قمنا بشرائه على الفور".



وتذكر المعارضة أن أكثر من نصف المنشقين عن تنظيم داعش يسعون وراء الذهاب إلى إدلب بسوريا للانضمام إلى الجماعات المتشددة التي لديها علاقة بتنظيم القاعدة، مشيرةً إلى أنهم لم يتخلوا عن عقيدتهم المتطرفة.



ويتجنب العديد من كبار المهربين التورّط في عمليات تبادل السجناء. وهكذا ينتهي الأمر بتورط جنود على خطوط المواجهة مثل أبويزن في مثل تلك الصفقات.



ويقول إنه نقل مؤخراً أسرة من المنشقين من وسط آسيا من آخر نقاط تفتيش داعش في منطقته إلى سيارة خاصة بإحدى جماعات المعارضة.



ويذكر "جعلت تلك الأسرة تسير لمسافة كيلومتر واحد ثم ركبوا سيارة.. لا تكاد تكون مسافة تُذكر. ذلك ما يجعلك تدرك أن هناك خطأ ما. الأمر ليس طبيعياً".

علق هنا