بغداد- العراق اليوم: لا شك أن هزيمة داعش في موصلِ العراق، له تداعيات كبيرة على الداخل السوري في البعدين الميداني والسياسي، فهو يعد مقدمة لدحر التنظيم في سوريا وإفشال المشروع الأمريكي الذي يسعى للاستفادة من الإرهاب في المنطقة لتحقيق مكاسب سياسية آخرها الانتخابات الأمريكية، وفقا لوكالة تسنيم الايرانية.
لم تمر ساعات على إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن بدء معركة تحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش" الإرهابي، حتى سارعت أدوات الإعلام العربية والغربية المحسوبة على السعودية وتركيا ومن خلفهم أمريكا، إلى تشويه العلاقة وزعزعة الثقة بين قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي، في محاولة للحد من وتيرة المعارك، وإلهاء الأطراف عن الهدف الرئيسي للمعركة الاستراتيجية، خاصة وأن لها انعكاسات كبيرة على الأزمة السورية، إضافة لما تحمله "الموصل" من أهمية للداخل السوري على البعدين السياسي والميداني.
تكفي مراقبة التصريحات الغربية وتعليقها على عمليات الموصل لمعرفة الارتباط الوثيق لهذه المعركة بما يحصل في سوريا، وليس آخر تلك التصريحات ما أدلى به المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي أكد أن معركة الموصل يجب "أن لا تنسينا ما يجري في حلب"، وتأكيد أحد قادة الحشد الشعبي في العراق عن أن "الإدارة الأمريكية تسهل هروب عناصر داعش من الموصل إلى مدينة الرقة السورية".
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عبر أيضاً عن مخاوف روسيا من انتقال عناصر داعش من الموصل إلى الداخل السوري ولفت في تصريحه الأخير إلى أن بلاده تدرس خيارات محدودة للرد على تلك التكهنات حول انتقال داعش إلى الحدود السورية.
الجيش العراقي أعلن بشكل رسمي بعد الساعات الأولى من بدء تحرير الموصل عن استهداف رتل مكون من 30 آلية عسكرية تابعة لتنظيم "داعش" كانت في طريقها إلى سوريا، ما يؤكد على تصميم الحشد الشعبي والجيش العراقي للقضاء على داعش وعدم السماح لعناصره بالهروب إلى سوريا، على عكس ما تفعله الإدارة الأمركية تماماً، حيث تحاول جعل التنظيم وسيلة وأداة لتحقيق أهدافها، واستخدامه كورقة تحاربه متى تشاء وتتركه متى تريد لتقول للعالم "إني أحارب الإرهاب"، ففي الوقت الذي تدّعي فيه واشنطن محاربتها للارهاب في الموصل، تساعد المجموعات الإرهابية في سوريا، رافضة فصل تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي عما باتت تسميه "المعارضة المعتدلة" ما يثير العديد من الشكوك والتساؤلات حول مدى جدية واشنطن في مكافحة الإرهاب.
ويرى مراقبون أن مشاركة قوات التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية في تحرير الموصل، يصب بشكل كبير لصالح الديمقراطيين الذين يخوضون معركة انتخابية شرسة ويريدون رفع رصيدهم أمام الشعب الأمريكي، من خلال إظهار الإدارة الأمريكية على أنها تحارب الإرهاب في العالم، وهذا الأمر يعبر بشكل واضح عن ازدواجية المعايير التي تنتهجها واشنطن في سياستها الدولية، التي "تحارب الإرهاب" في بلد، وتدعم ذات الإرهاب في بلد آخر.
وبعيداً عن الاستغلال الأمريكي للموصل، يمكن القول أن هذه المعركة كسرت شوكة تنظيم داعش في المنطقة وبددت أحلامه، بعد أن حاول جاهداً التمدد في العراق وسوريا، ما سيخفف الضغط على قيادات محور المقاومة وحلفائهم الذين سيركزون اهتمامهم على اجتثاث الإرهاب من سوريا بعد تطهير كامل العراق، الأمر الذي يجعل الفرصة سانحة للاقتراب أكثر من القضاء على داعش الإرهابي بالكامل، خاصة بعد الانجازات التي يحققها الجيش السوري في محيط مدينة حلب شمال البلاد، واقترابه من بسط السيطرة الكاملة عليها.